الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للحائض أن تمكث في المسجد ولو لتعلم وتعليم القرآن الكريم، وإلى ذلك ذهب جماهير أهل العلم، ومنهم الأئمة الأربعة، لقوله تعالى: وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا {النساء: 43}. والحيض يلزم منه ما يلزم من الجنابة، ويزيد عليها بأن الله تعالى وصفه بأنه أذى، في قوله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى {البقرة: 222}. ولما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: ناوليني الخمرة من المسجد قالت: إني حائض، قال: إن حيضتك ليست في يدك. رواه مسلم. ووجه الدليل من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على أن الحائض لا تدخل المسجد، ولكن بين أنه لا بأس بإدخال يدها فيه، لأنها ليست محل الحيض.
وسبب منع الحائض من دخول المسجد هو كونها حائضا، والحكمة من المنع خشية تلويثها للمسجد، والأحكام معلقة بأسبابها لا بحكمها، فتمنع المرأة الحائض من دخول المسجد ولو أمنت التلويث، وهذا مثل السفر فهو سبب للجمع والقصر للصلاة، والحكمة من ذلك دفع المشقة، فلو سافر شخص ولم يجد مشقة في سفره فله أن يجمع وأن يقصر.
والله أعلم.