الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يجب على المسلم هو طاعة الله جل وعلا وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والعلماء العاملين بالكتاب والسنة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء: 59].
وإذا نزلت بالمسلم نازلة؛ فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب عليه التزام مذهب معين، لأن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.
واتباع الشخص لمذهب معين لعجزه عن معرفة الشرع من جهته هو مما يسوغ، وليس مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق.
قال صاحب الإنصاف: وأما لزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال إلى غيره في مسألة: ففيه وجهان: وفاقاً لمالك والشافعي رحمهما الله، وعدمه أشهر. اهـ.
قال في إعلام الموقعين: وهو الصواب المقطوع به. وقال ابن مفلح في أصوله: عدم اللزوم قول جمهور العلماء. وقد رجحه ابن برهان والنووي، واستُدل لذلك بأن الصحابة لم ينكروا على العامة تقليد بعضهم في بعض المسائل وبعضهم في البعض الآخر، وليس معنى ذلك أن ينتقل بين المذاهب أو لا يتقيد بمذهب بغية الترخص والتلاعب فإن هذا مذموم.
قال أحمد -رحمه الله-: لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع، وأهل مكة في المتعة كان فاسقاً. وفي السنن للبيهقي عن الأوزاعي أنه قال: من أخذ بنوادر العلماء خرج عن الإسلام.
وليكن قصده من ذلك تحري الصواب والوصول إلى الحق.
والله أعلم.