الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن كان محدثاً حدثاً أكبر -وهو ما يوجب الغسل- وجب عليه رفعه بالاغتسال، فإن خاف من استخدام الماء زيادة مرض أو تأخر شفاء -ولو غلب على الظن- جاز له التيمم، قال تعالى: وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا {النساء: 43}.
وقال تعالى: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة: 185}.
وقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحـج: 78}.
وأخرج أحمد وأبو داود عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي من رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم: أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم. حسنه الألباني، وراجع الفتويين: 15978، 55270.
وأما الوضوء، فلا يجزئ، بل البدل عن الغسل هو التيمم في هذه الحالة، ومتى زال العذر عنك وجب الغسل لرفع الجنابة.
وننبه السائل إلى أنه إن كان يقدر على غسل بعض جسده وجب عليه غسل ما يقدر عليه من بدنه بدون ضرر، ويتيمم للباقي، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتو منه ما استطعتم. متفق عليه.
قال النووي في المجموع: إذا كانت العلة المرخصة في التيمم مانعة من استعمال الماء في جميع أعضاء الطهارة تيمم عن الجميع، فإن منعت بعضاً دون بعض غسل الممكن، ويتيمم عن الباقي. اهـ
والله أعلم.