الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت عاجزة عجزا موقتا يرجى زواله فعليك أن تنتظري حتى يزول عجزك فتقضي تلك الأيام، ولا يلزمك قضاؤها متتابعة بل بإمكانك أن تصوميها متفرقة حسب استطاعتك، وبإمكانك أيضا أن تتحيني فصل الشتاء إذا كان الصوم فيه أليق بحالك وصحتك.
ولا تلزمك مع القضاء كفارة تأخير القضاء فيما مضى؛ لأنك معذورة بالجهل. وانظري الفتوى رقم: 41521.
وأما إن كان عجزك عن الصوم عجزا مستمرا لا يرجى زواله، فيكفيك إطعام مسكين مدا من طعام عن كل يوم من أيام القضاء، والمد المذكور قدره 700 غرام تقريباً. وراجعي الفتوى رقم: 15506، والفتوى رقم: 6673.
ولا يشترط في صحة الإطعام تقديمه للمساكين في المنزل مطبوخا، بل يجزئك دفع مد من طعام كالأرز مثلا إلى كل مسكين في بيته. وجاهل الكيفية الصحيحية للصلاة معذور بجهله لا إعادة عليه على المذهب الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى حيث قال بعد مناقشة مسائل في هذا المجال: والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً {الإسراء:15}، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارا لما أجنبا، فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما؛ وكذلك لم يأمر أباذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياما لا يصلي؛ وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء.. إلى أن قال: وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة صلي تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة ظانة أنه لا يخاطب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها، وفي أتباع الشيوخ طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم. فهؤلاء لا يجب عيهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل كانوا كفاراً أو كانوا معذورين بالجهل. انتهى.
فانطلاقاً مما تقدم لا يجب عليك قضاء الصلاة مدة الجهل بكيفية الصلاة الصحيحية، لكن يجب عليك الآن أن تتعلمي ما لا يسعك جهله من أمور دينك، وكلما ازددت فقها كان ذلك خيراً لك في دينك ودنياك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. متفق عليه، وراجعي الفتوى رقم: 44674، والفتوى رقم: 3788، والفتوى رقم: 6188.
والله أعلم.