الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإنه يصح القول أن محمدا صلى الله عليه وسلم خليل الله، ويدل لذلك ما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، إن صاحبكم خليل الله. ويجوز كذلك أن يقال إنه حبيب الله، ويدل لذلك ما في حديث الترمذي: ألا وأنا حبيب الله. ويدل له كذلك ما رواه البزار والبيهقي والطبري وأبو حاتم أنه مكتوب في التوراة محمد حبيب الرحمن. وثبت عن الإمام التابعي مسروق رحمه الله كان يحدث عن عائشة رضي الله عنها فيقول: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبية حبيب الله. وأما الفرق بين حبيب الله وخليل الله فإن اللفظين متقاربان؛ إلا أن الخلة أخص من المحبة فهي تدل على نهاية المحبة كما قال ابن القيم، واستدل لذلك بأنه صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون له خليل غير ربه مع إخباره بحبه لعائشة ولأبيها ولعمر وأسامة وزيد. وقد نقل النووي في شرح مسلم أنه قيل إن الخلة والمحبة سواء، ونقل بعضهم أن المحبة أرفع من الخلة. وظاهر كلامه ترجيح القول بأن الخلة أرفع من المحبة.