الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن نذر صوم الدهر فنذره صحيح، ولزمه الوفاء، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: لو نذر صوم الدهر صح نذره بلا خلاف ويكون الأعياد وأيام التشريق وشهر رمضان وقضاؤه مستثناة، فإن فاته شيء من صوم رمضان بعذر، وزال العذر لزمه قضاء فائت رمضان، لأنه آكد من النذر. اهـ
وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 23939.
أما في حال عجز الإنسان عن مواصلة الصوم لكبر أو مرض مزمن لا يرجى شفاؤه منه فعليه كفارة يمين، قال ابن قدامة: من نذر طاعة لا يطيقها أو كان قادراً عليها فعجز عنها، فعليه كفارة يمين. اهـ
واعلم أن الغضب لا تأثير له في نذر الطاعة إلا أن تكون أخرجت النذر مخرج اليمين حال غضبك بأن تقصد به المنع من شيء أو الحث على شيء، كأن تقول: إن فعلت كذا فلله علي صوم الدهر. أو: لو كان كذا... فهذا يمين، وهو ما يعرف بنذر اللجاج، ويكون للحث على فعل شيء أو المنع من غير قاصد للنذر.
قال ابن قدامة رحمه الله في بيان حكمه: ... وجملته أنه إذا أخرج النذر مخرج اليمين بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئاً، أو يحث على شيء، مثل أن يقول: إن كلمت زيداً فلله علي الحج أو صدقة مالي أو صوم سنة، فهذا يمين، حكمه أنه يخير بين الوفاء بما حلف عليه فلا يلزمه شيء وبين أن يحنث، فيتخير بين فعل المنذور وبين كفارة يمينه، ويسمى نذر اللجاج والغضب، ولا يتعين عليه الوفاء به، وإنما يلزم نذر التبرر. اهـ
ومما سبق يتبين أنه يجب عليك الوفاء بالنذر إن كنت قصدت به التقرب إلى الله والبر ولم تخرجه مخرج اليمين، أما إن أخرجته مخرج اليمين ولم تقصد به قربة ولا براً، وإنما قصدت إلزام نفسك أو غيرك بفعل معين، ففي هذه الحالة أنت مخير بين الوفاء وكفارة اليمين.
والله أعلم.