الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالأصل في البكاء الإباحة ولو كان بصوت إلا إذا صحب ذلك ما لا يجوز من نياحة أو ضرب صدر أو نتف شعر أو شق جيب. قال ابن حجر في تحفة المحتاج: ويحرم الندب بتعديد شمائله.... ومع ذلك المحرم الندب لا البكاء، لأن اقتران المحرم بجائز لا يصيره حراما... ومن ثم رد أبو زرعة قول من قال يحرم البكاء عند ندب أو نياحة أوشق جيب أو نشر شعر أو ضرب خد بأن البكاء جائز مطلقا وهذه الأمور محرمة مطلقا. اهـ. وفي حاشية ابن القاسم على التحفة: قوله خلاف الأولى، وهو المعتمد.. قال شيخنا هذا في البكاء بعد الموت وأما قبله فمباح. اهـ. وفيها أيضا: قال السبكي: وينبغي أن يقال إذا كان البكاء لرقة على الميت وما يخشى عليه من عقاب الله تعالى وأهوال يوم القيامة فلا يكره، ولا يكون خلاف الأولى، وإن كان للجزع وعدم التسليم للقضاء فيكره أو يحرم. انتهى. والثاني أظهر، قال الروياني: ويستثنى ما إذا غلبه البكاء فإنه لا يدخل تحت النهي لأنه مما لا يملكه البشر وهذا ظاهر، قال بعضهم وإن كان لمحبة ورقة كالبكاء على الطفل فلا بأس به، والصبر أجمل، وإن كان لما فقد من علمه وصلاحه وبركته وشجاعته فيظهر استحبابه، أو لما فاته من بره وقيامه بمصالح حاله فيظهر كراهته لتضمنه عدم الثقة بالله تعالى. قال الزركشي: هذا كله في البكاء بصوت، أما بمجرد دمع العين فلا مانع منه. انتهى.