الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نقول لك أختي إنك لست وحدك فإخوانك من حولك كثير -وإن بعدت المسافة- سيمدون لك يد العون في كل مشكلة تواجهك إن شاء الله فكوني دوما متواصلة معهم ونحن نرحب باستشارتك لنا في كل وقت عن ما تواجهين من مشكلات في حياتك ومن خلال قراءتنا لرسالتك عدة مرات عشنا معك مشكلتك ومعاناتك وسألنا الله أن يصلح حالك ويجعل لك من كل هم فرجا، وقد لمسنا من خلال قراءة الرسالة بعض الأمور الإيجابية يمكن الاعتماد عليها كمفتاح للحل:
أولها: محاولتك تقبل الوضع مع الزوجة الثانية وهذا ما ينبغي لك ويتعين عليك أن تفعليه ويمكن أن يساعدك على تقبل هذا الوضع عدة أمور:
1- الإيمان بالقضاء والقدر وأن هذا من قدر الله والمسلم يؤمن بقضاء الله وقدره بل هو ركن من أركان الإيمان، فعليك أن تسلمي لقضاء الله واعلمي أن الخير في ما اختاره الله (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36}.
2- اعلمي أن من يرضى بما قسم الله له يرضى عنه الله عز وجل ويرضيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
3- إن لم تستطيعي الوصول إلى مرتبة الرضى المستحب فعليك بالصبر، فاصبري على ما تجدين من تقصير من الزوج ومن غيرة تحسينها تجاه ضرتك والله يحب الصابرين (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}.
ثانيها: أن زوجك رجل ليس سيئاً جدا بل إن عنده أموراً إيجابية لمسنا ذلك من خلال حديثك عنه، منها أنه لا يفضل عليك الثانية، ويعدل بينك وبينها إن لم يكن يفضلك عليها، وأنه يحبك وإلا لما استقدمك إلى بلد إقامته، فعليك أن لا تظلمي الرجل وتغمطيه حقه وتنسي ما فيه من محاسن وإيجابيات، وتغلبي جانب المعائب والسلبيات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه مسلم وكذا الحال بالنسبة للمؤمنة.
ثالثها: ما أنت فيه من نعم محروم منها كثير من الناس ومنها نعمة الأولاد ونعمة الزوج والمال فاحمدي الله على ما من به عليك من نعم، فبناء على ما ذكر من محاولة تقبل الوضع بما ذكرنا من أمور والنظر لزوجك نظرة إنصاف وعدم النظر إلى المساوئ فحسب وشكر الله على نعمه السابغة عليك بالأولاد والزوج والصحة وسعة الرزق، نلفت انتباهك للحذر من أمور لمسنا ميلك وجنوحك لها من خلال السؤال:
أولها: قلة أو عدم شكر الله سبحانه على ما أنت فيه من نعم فإن النعم تحفظ وتزيد بالشكر وتذهب بعدم شكر الله عليها، وعصيانه سبحانه بها، قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ {7: إبراهيم}.
ثانيها: معصية الله عموما ونخص هنا التبرج وعدم الالتزام بالحجاب الشرعي الإسلامي لا سيما وأنت تعملين خارج البيت فإياك وترك الحجاب والاختلاط بالرجال الأجانب فإن فيه شراً وخطراً عليك في دينك ودنياك.
ثالثها: عصيان الزوج فإن طاعته واجبة عليك بالمعروف فامتثلي أمر الله بطاعته وتقربي إلى الله بمرضاته فإن له حقا عليك كبيراً وعظيماً أعظم من حق أمك وأبيك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحد أن يسجد لأحد، لأمرت النساء أن تسجد لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق. رواه أبو داود.
رابعها: طلب الطلاق حيث إنه لا يجوز طلب الطلاق بغير عذر شرعي يبيح ذلك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي حديث حسن.
خامسها: طلب طلاق ضرتك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتستكفئ إناءها. رواه البخاري وغيره.
وقال: لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإنما لها ما قدر لها. رواه البخاري وغيره.
وفي الجملة ننصحك بما يأتي:
أولها: قوي صلتك بالله سبحانه بالمحافظة على الصلاة وسائر الأعمال التي تقربك منه سبحانه فإن من أراد إصلاح أحواله وتحصيل الهدوء والطمأنينة فعليه بطاعة الله عز وجل، فإنه من اتقى الله جعل له مخرجا كما وعد بذلك سبحانه.
ثانيها: أدي الذي عليك تجاه زوجك وأمه وزوجته، واسألي الله الذي لك فإن الله سبحانه يجيب دعوة الداعين ويجزي الصابرين ولئن صبرتم لهو خير للصابرين.
ثالثها: دعي عنك الوساوس والشكوك وتعاوني مع زوجك وتصالحي مع أختك وثقي بالله، والله لن يضيعك، وزوجك لن يظلمك ولن يستغلك إن شاء الله ما دام أنه يحبك ويرى منك ما يحب.
رابعها: انصحي زوجك بحكمة وموعظة حسنة وذكريه بالله تعالى وحثيه على امتثال أمره، ومن أهم ذلك المحافظة على الصلاة واهدي له شريطاً أو كتيباً في هذا الموضوع عسى الله أن يهديه فإن في ذلك سعادتك، والله نسأل أن يمن عليك بصلاح الحال والرضى بما قسم لك والسعادة في الدارين.
والله أعلم.