الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك، وأن يسهل أمرك وأن يخلف علينا وعليك بخير، وأن يفتح علينا وعليك أبواب فضله ورزقه، ولا شك أن العمل في البنك الربوي حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.ولا أشك أيضا في أن المال المستفاد من هذا العمل حرام سواء كان راتبا أم حقوقا، وأن على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى وراجعي الفتوى رقم: 1725، والفتوى رقم:1009. وقد أحسنت بتركك العمل في البنك الربوي لأن هذا هو الواجب عليك، وبما أنك قد تبت فلتهنك التوبة ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، أما عن الرواتب التي تحصلت عليها من العمل في هذا البنك فإن لك في ذلك حالتين: الحالة الأولى: أن تكوني عالمة بأن هذا العمل حرام، وفي هذه الحالة يلزمك التصدق بكل ما تم أخذه من البنك في وجوه الخير ومصالح المسلمين. والحالة الثانية: أن تكوني جاهلة بأن هذا العمل حرام فلا حرج عليك فيما تم استهلاكه من الرواتب، ويلزمك التصدق بما بقي معك منها، سواء في ذلك أن يكون الباقي نقدا أو ذهباً أو سيارة، ويجوز لك التخلص من هذا المال بصرفه على أقاربك المحتاجين الذين لا تجب عليك نفقتهم وتعني بمن تجب عليك نفقتهم الآباء والأمهات والأبناء والبنات فهولاء لا يصرف منه شيء عليهم إلا إذا كانوا محتاجين وليس لك مال حلال تنفقين منه عليهم. وعليه فلا حرج عليك في التخلص من هذه الأموال بصرفها على إخوتك المحتاجين الذين ليس لديهم ما يفي بحاجتهم، ومن الحاجة الزواج والعلاج والدراسة والمنزل، وكل ذلك بشرط أن يعطى المحتاج بقدر حاجته، وألا يكون عنده ما يفي بحاجته كما تقدم، وإذا كنت أنت بحاجة إلى نفقة أو كسوة أو مسكن أو علاج ونحو ذلك من الحاجات فلك أن تأخذي من هذا المال بقدر حاجتك لأنك من جملة المساكين الذين يصرف إليهم المال الحرام.