الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد التفكير والخاطر العابر لا يؤاخذ الإنسان بمقتضاه، لأنه ليس في وسعه التحرز منه. وقد قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].
إنما المؤاخذة على العزم والتصميم على فعل المعصية. فمن هم بمعصية وصمم على فعلها يعتبر عاصياً بذلك الهم والعزم المصمم، وإن لم يعمل المعصية بسبب مانع حال بينه وبينها ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قيل: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه. الحديث متفق عليه. وفيه التصريح بأن الحرص على المعصية معصية يعاقب عليها.
وأما الاستمناء ـ وهو ما يسمى بالعادة السرية ـ فإنه حرام عند جمهور علماء المسلمين لقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون: 5-7].
وما دمت أيها السائل ابتليت بما ذكرت ـ نسأل الله السلامة والعافية للجميع ـ فنحن نوجهك إلى ما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ذوي القدرات الجنسية والمادية في قوله: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. الحديث رواه الجماعة. فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أرشد من لم يستطع الجماع بطريقه المشروع وهو الزواج لعجزه عن مؤونته، أرشده إلى متابعة الصوم ليدفع به شهوته ويكسر حدتها، كما يقطعه الوجاء، فالصوم هو وحده البديل عن الزواج، وليس الاستمناء، لكن إذا استحكمت الشهوة وبلغت مبلغها بحيث لا تستطيع دفعها، ولم يبق إلا الاستمناء أو الفاحشة، فلا شك أن ارتكاب أخف المفسدتين وهو هنا الاستمناء أهون من ارتكاب الفاحشة الكبرى، وليس معنى هذا أن الاستمناء جائز، ولكن معناه أنه دون فاحشة قوم لوط التي عاقب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتكبيها بأغلظ عقوبة في الدنيا وهي: التحريق أو الرمي من أعلى قمة جبل، أو بنيان في البلد، وهم منكسو الرؤوس، وهي عقوبة لم يوقع مثلها على الشيخ الزاني ولا المرابي ولا السارق ولا غيرهم، وهي عقوبة تناسب الشذوذ وانتكاس الفطرة.
فالطريق الوحيد لحل مشكلتك هو أحد أمرين:
إما أن تلازم الصوم.
وإما أن تتزوج لعل الله تعالى يرزقك مكان الشذوذ الجنسي الذي ابتليت به الرغبة العادية في النساء، فيستقيم سلوكك، وتعود إلى طبيعة أبناء جنسك.
مع العلم بأنه لا يلزمك إخبار الزوجة المتوقعة بحالك، ما دمت ترى أنك قد تقوم بالحد الأدنى من حقها في الاستمتاع الذي هو أحد الأهداف المقصودة من الزواج.
وننصحك بعدم الخلوة بالشباب حسان الوجوه، وحاول أن تصطفي لك أصدقاء يكبرونك سناً من ذوي الصلاح. وابتعد كل البعد عن وسائل اللهو من الأغاني ومشاهدة الأفلام والصور، فإنها من أكبر أبواب الفتنة وإثارة الغريزة، ولتخبر أباك ولو بطريق غير مباشرة بأنك لا تطيق البقاء بغير زواج، فهو الحل العملي الوحيد أمامك. والله نسأل أن يحصن فرجك، ويغفر ذنبك.
والله أعلم.