الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صلة الرحم واجبة، وقد نهى الله عن قطعها وتوعد عليه، قال تعالى: وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1}، وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}، وفي حديث الصحيحين: لا يدخل الجنة قاطع -يعني قاطع رحم-.
وليس في الأدلة ما يفيد التفريق في مطلوبية الصلة بين الرجال والنساء، وأدنى الصلة كما قال عياض: الصلة بالسلام لمن قدر عليه . فإن تعذر فيتعين الاتصال الهاتفي والمراسلة الكتابية ، وإن تيسر شيء من التهادي فحسن. والصلة واجبة على المرأة في حق الأبوين والأجداد وفروعهم كالأعمام والأخوال، إذا قدرت عليها وأذن لها الزوج ولم يؤد ذلك إلى محرم كالاختلاط.
ثم إن عليها أن تبذل أقصى وسعها في تفادي مخالطة الأجانب عند صلتها للرحم فيمكن أن تتواعد مع والديها وإخوتها وقتا مناسباً تتمكن فيه من لقائهم في غرفة معدة لذلك بعيدة عن الاختلاط، ثم إن الاختلاط الذي يعد عذرا في عدم الذهاب لصلة الرحم هو ما أدى لنظر محرم أو لمس محرم أو ما هو أعظم من ذلك، وقد بينا تحريم المصافحة في كثير من الفتاوى ومنها الفتوى رقم: 1025، والفتوى رقم: 26796.
أما إذا كانت المرأة في زيارتها لرحمها يدخل عليها أجانب وهي محتشمة ومتحجبة ولم تنظر أو تكلم الأجانب ولم تمزح أو تخضع بالقول عند حديثها معهم لحاجة ؛ فإن هذا ليس محرماً فإن الكلام مع الأجانب الأصل فيه أنه جائز ويدل له هدي الصحابة، فقد كان الرجال يتكلمون مع النساء، وراجع في ماهية الرحم التي تجب صلتها ، وحكم سماع الأجنبي صوت المرأة ، وفي وجوب الصلة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11449، 51309، 52675، 40387، 9792، 26838.
والله أعلم.