الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإنه يجوز للدولة أن تفرض ضرائب على المواطنين لتوفر بما تجنيه من الضرائب الخدمات اللازمة كتعبيد الطرق وبناء المستشفيات والمدارس، لكن بشرط أن تستنفد كل ما في بيت المال ( لخزينة العامة)، أما إذا جعلت ضرائب على المواطنين بدون مقابل، أو جعلتها عليهم وفي بيت المال ما يكفي للقيام بالخدمات اللازمة والمصلحة العامة فإن ذلك محرم شرعاً، وآخذها لا يدخل الجنة كما ثبت في المسند من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة صاحب مكس. يعني العشار. والمكوس: هي الضرائب ونحوها مما يؤخذ بغير حق شرعي. كما أن جواز الأخذ للحاجة الضريبية مقيد كذلك بما إذا لم يكن هنالك تسيب أو سوء استخدام في المال العام. والعمل في إدارات الضرائب ينبني حكمه على نوعية الجباية، وعلى ذلك ففيه تفصيل: 1ـ فإن كانت مصلحة الضرائب تراعي الشرع ولا ترهق الناس بالضرائب الباهظة، وتنفق هذه الأموال في مصالح المسلمين.. مع خلو الخزينة العامة للدولة من الأموال، فعندئذ يجوز للمرء العمل في إداراتها، سواء كان العمل في ما يتعلق بأجهزة الكمبيوتر أو غير ذلك، لكن يجب على العامل أن يلتزم العدل، وأن يبتعد عن الظلم، وليحذر من الرشاوى التي تعرض عليه، ليخفف مقدار الضريبة أو ليتجاوز عنها. 2ـ وإن كانت الدولة تفرض الضرائب على المواطنين بدون مقابل، أو كان العمل في مصلحة الضرائب يخضع لقوانين مخالفة للشرع، فلا يجوز جباية هذه الضرائب ولا العمل فيها في هذه الحالة ولو في صيانة أجهزة الكمبيوتر أو نحو ذلك، لقوله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{المائدة: 2}. وبناء على ما تقدم نقول: إن المسلم مطلوب منه أن يتحرى الحلال، وأن يبتعد عن الحرام ومواطن الشبهات، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. رواه البخاري ومسلم. فالذي ننصحك به أخي الكريم ألا تعمل في هذه الإدارات حتى تطلع على أنظمتها وقوانينها، وتعرف مدى موافقتها للشرع من عدمه. والله أعلم.