الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب بر الوالدين، دل على ذلك الكتاب، والسنة، والإجماع، ومن ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، ولما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحق الناس بحسن صحابتي، يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أمك" ثلاثًا، ثم قال: "أبوك". رواه البخاري، ومسلم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل استأذنه في الغزو: «هل لك من أم؟»، قال: نعم، قال: «فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها». رواه النسائي، وابن ماجه، واللفظ للنسائي.
والبر لفظ عام، يدخل فيه المعاملة بالحسنى، والتودد، والتلطف، وتقبيل الرأس، أو اليدين، على سبيل الإكرام، وقد عّد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين وعصيانهما من أكبر الكبائر، حين قال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... رواه البخاري، ومسلم.
ولا شكّ أن هذا الابن قد أخطأ خطأ عظيمًا في حق والديه؛ لأنه يجب عليه طاعتهما، وبرهما، والإحسان إليهما، ومصاحبتهما في الدنيا معروفًا، إلا إذا أمرا بمعصية، فلا طاعة حينئذ؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري، ومسلم.
ولعّل من أهم الطرق في العلاج: إبعاد هذا الابن عن رفقاء السوء، والبحث له عن رفقة صالحة، تعينه على الخير والطاعة؛ لأن المرء على دين خليله، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل، أو من يصاحب.
كما ينبغي نصح هذا الابن بالرفق، واللين، ودعوته بالحكمة، ومحاولة تحبيبه إلى والديه، وتحبيب والديه إليه، مع مراعاة صغر سنه.
كما نرى أنه لا ضرورة للضرب في هذه المرحلة، والأحسن من ذلك ترغيبه في طلب العلم الشرعي النافع، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وتعليق قلبه بالمساجد.
ولا بأس بعرض الموضوع على أحد المشايخ الفضلاء، ممن يوثق بعلمه، وفضله؛ لمقابلة الشاب، ونصحه، وتأدبيه، إن لزم ذلك، نسأل الله التوفيق للجميع.
والله أعلم.