الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الصندوق له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون تجارياً، بمعنى أن القائمين عليه جهة تجارية تتفق مع المشاركين على أن يدفعوا لها أموالاً ثم هي تدفع لهم عند العجز أو الوفاة أو نحو ذلك، مبالغ قد تكون أكثر أو أقل أو مساوية لما دفعوه، فهذا الصندوق داخل حينئذ في التأمين التجاري وهو حرام، لما فيه من الجهالة والغرر وغير ذلك من المحاذير الشرعية، ومن اشترك فيه فليس له الاستفادة منه إلا بمقدار ما أعطاهم.
والحالة الثانية: أن يكون هذا الصندوق تكافلياً تعاونياً فيجوز، لكن لا بد أن يكون هذا الصندوق مضبوطاً بالضوابط الشرعية فلا يكون فيه حيف أو ظلم لأحد، ولا يكون مستثمراً أو مستغلاً فيما حرم الله تعالى، ولا بد أن يكون مبنياً على أسس تبعده عن الميسر، وتظهر فيه روح التعاون وملامح الإرفاق والتكافل الاجتماعي، وتمنع حصول نزاع أو خلافات بين المشتركين في الاستحقاق ونحو ذلك، ومن تلك الأسس التي تحقق هذه الأغراض ما يلي:
1- أن يكون قصد التعاون والتكافل ظاهراً جلياً، بحيث يتضمنه العقد التأسيسي الذي يوقع عليه المشاركون في الصندوق.
2- ألا يكون هنالك ارتباط بين ما يدفعه المشترك وبين ما يحصل عليه إذا وجد سببه، فقد يزيد وينقص حسب حال الشخص المستفيد، وليس بحسب حال ما يدفعه.
3- أن تكون الحالات التي تشملها مساعدة الصندوق موصوفة وصفاً محدداً منعا لحصول الخلاف فيما بعد.
4- أن تكون هناك لجنة تشرف على الصندوق، وتتولى النظر في حالات الاستحقاق بعد حصول كل حالة على حدة، وتحدد القدر اللازم لها باعتبار حال المستفيد غنى وفقراً، ونحو ذلك مما يظهر منه أن القصد هو التعاون والإرفاق، وليس المقايضة البحتة.
5- لا حرج في أن يكون الاشتراك في الصندوق بمبلغ مقطوع محدد أو بمبلغ مفتوح، ولا حرج في اختلاف نسبة ما يدفعه المشاركون فيه.
أما عن عدم علمكم بكيفية استثمار أموال الصندوق، فيمكنكم سؤال أهل الاختصاص عن ذلك، فإذا لم تعلموا مع بذل الوسع فالأحوط لكم بما أن الاشتراك اختياري ألا تشاركوا في هذا الصندوق، لأن الغالب على هذه الصناديق هو استثمار الأموال في بنوك الربا ونحوها.
وأما عن اللجنة القائمة على الصندوق، فالذي يشترط فيهم هو ألا يُدخلوا أموال الصندوق في معاملات محرمة، ولا يشترط أن تكون اللجنة من العلماء وإن كان ذلك هو الأفضل، لكن يشترط سؤال العلماء عما أشكل، وأما عن عدم اعتبار الصندوق حال المستفيد أهو غني أو فقير؟ فإنه لا يشترط أن يكون المستفيد من الصندوق فقيراً ما دام ذلك برضى المشتركين، ووفقاً للوائح منظمة للأمر بحيث لا يحصل التلاعب في أموال الصندوق.
وأما عن تغير النسبة المستقطعة ونسبة الاستفادة بحسب حال الشخص فلا حرج في ذلك ما دام الأمر مضبوطاً بلوائح معينة كما تقدم.
والله أعلم.