الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على المستحاضة الاحتياط في طهارتي الحدث والنجس، فتغسل عنها الدم، وتحتشي بقطنة أو خرقة دفعاً للنجاسة أو تقليلا لها، فإن لم يندفع الدم بذلك وحده تحفظت بالشد والتعصيب، وهذا الفعل يسمى استثفاراً وتلجماً، فإن جاء وقت الصلاة الأخرى فهل يلزمها ذلك مرة أخرى أم يكفيها الوضوء؟
ذهب الشافعية: إلى أنه يُنظر إن زالت العصابة عن موضعها زوالاً له تأثير، أو ظهر الدم على جوانبها، وجب التجديد بلا خلاف، لأن النجاسة كثرت وأمكن تقليلها والاحتراز عنها، فإن لم تزل العصابة عن موضعها ولا ظهر الدم، فوجهان أصحهما: وجوب التجديد كما يجب تجديد الوضوء، والثاني: لا يجب؛ إذ لا معنى للأمر بإزالة النجاسة مع استمرارها، بخلاف الأمر بتجديد طهارة الحدث مع استمراره، فإنه معهود في التيمم.
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يلزمها إعادة الغسل والعصب لكل صلاة إن لم تفرط، قالوا: لأن الحدث مع قوته وغلبته لا يمكن التحرز منه، ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: اعتكف مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي. رواه البخاري.
وفي هذا يسر على المرأة، وعليه فلا حرج عليك أن تأخذي به، لأن الله يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [سورة الحـج: 78].
لاسيما في مثل الظرف الذي ذكرته في سؤالك، كما يجوز لك أن تجمعي بين صلاتي الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمعاً صورياً، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حمنة بنت جحش عند الترمذي، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلين حين تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعاً ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الصبح وتصلين، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو أعجب الأمرين إلي. قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
والله أعلم.