الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاتفاق بين من أسميتموه بالشريك الممول والشريك المضارب، لا يمكن أن يكون مضاربة، لأن المضاربة تقوم على أن يدفع طرف لآخر مبلغا من المال ليتاجر به، على أن الربح بينهما بحسب الاتفاق. ولا بد في المضاربة أن تكون على نقد، وهذا هو الصحيح عند جماهير أهل العلم، وعليه المذاهب الأربعة، قال ابن القيم في إعلام الموقعين : لا تجوز المضاربة على العرض، فإن كان عنده عرض فأراد أن يضارب عليه فالحيلة في جوازه أن يبيع العرض ويقبض ثمنه فيد فعه إليه مضاربة، ثم يشتري المضارب ذلك المتاع بالمال. وتفسد المضاربة إذا اجتمعت مع البيع أو الشركة أو الجعل أو الصرف أو المسافاة أو القرض أو النكاح، قال الشيخ ميارة يعد المسائل التي لا يصح أن يجتمع منها اثنان في عقد واحد:
عقود منعنا اثنين منها بعقدة * لكون معانيها معا تتفرق
فجعل وصرف والمساقاة شركة * نكاح قراض قرض بيع محقق.
وهذا العقد قد جمع بين المضاربة والبيع والشركة. وعليه فحقيقة ما وقع بين الطرفين هو أن الطرف الممول قد وكل الطرف الثاني في الإشراف على إنشاء المبنى المذكور، والذي يستحقه الطرف الثاني. هو أجرة مثل ما قام به من الأعمال خلال السنتين. بتقدير أهل الخبرة، وليس له غير ذلك إلا أن تطيب به نفس الممول. وما قام به الوكيل من الحصول على أفضل سعر هو مقتضى الوكالة، لأن الوكيل لا بد أن يتصرف وفقا لمصلحة الموكل. وليس له شيء في زيادة قيمة الأرض، لأن زيادة قيمة ما اشتراه الوكيل هي للموكل، وإذا باع المالك العيادة فليس للوكيل من ثمنها شيء، فضلا عن النصف. وبالمناسبة فإنا ننصح كل من يريد الدخول في عقود المضاربة والشركة وغيرهما من عقود المعاوضات أن يتفقه في أحكامها، وأن يسأل أهل العلم قبل الدخول في مثل هذه العقود، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يسمح لتاجر بدخول السوق حتى يتفقه في أحكام البيع والشراء.