الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن كلمة "يسعد الله" لم ترد في القرآن ولا في السنة بإثبات ولا نفي، قال شارح الطحاوية: فالواجب أن ينظر في هذا الباب -أعني باب الصفات- فما أثبته الله ورسوله أثبتناه، وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها، فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحاً قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد والحاجة، مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها ونحو ذلك. وقال في موضع آخر: والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية والإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة. وعلى ذلك، فلو عبر عما يريد بكلمة "يفرح الله" أو "يرضي الله" لكان أولى، لثبوت صفة الفرح والرضا في القرآن والسنة الصحيحة، وأما قول " لا حياء في الدين" فالغالب أن قائله يقصد أنه لا يشرع الحياء في معرفة الدين، ولا ينبغي أن يكون مانعاً من السؤال عما يحتاج إليه الإنسان في دينه إذ لا حرج عليه في ذلك، وإن غالب من يسأل في دينه عما يستحي منه يقدم لسؤاله بالعبارة السابقة، فهي كالاعتذار عن التقدم بهذا السؤال، وقد قدمت أم سليم بسؤالها عن حكم احتلام المرأة بقولها: إن الله لا يستحي من الحق. فلو استعيض عن قول القائل: "لا حياء في الدين" بما قدمت به أم سليم لكان أولى، كما أن إطلاق "لا حياء في الدين" قد يفهم منه احتمال بعيد وهو أن الحياء ليس من الدين، وذلك ليس بصحيح، بل الحياء شعبة من الإيمان، وراجع الفتوى رقم: 5173. والله أعلم.