الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فطلب الخلع من المرأة له ثلاث حالات:
الأولى: أن تطلب الخلع لسوء خلق الرجل كضربه لها أو سبه ونحو ذلك، فطلب الخلع في هذه الحالة مباح.
الثانية: أن تطلب الخلع مع استقامة الحال وعدم المضارة من الرجل غير أنها تخشى التفريط في حقوقه فيكره لها طلب الخلع، ويستحب لها أن تصبر وعلى هذا جمهور الفقهاء.
الثالثة: أن تقوم بمضارة زوجها بسوء خلقها وعدم طاعتها له، فتضطره إلى القبول بالخلع، ففي هذه الحالة يكون طلب الخلع محرماً، وعلى هذه الحالة يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة.
وقوله إن المختلعات هن المنافقات، وما من امرأة تسأل زوجها الطلاق من غير بأس فتجد ريح الجنة، أو قال: رائحة الجنة.
قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى في الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والثمانون بعد المائتين: سؤال المرأة زوجها الطلاق من غير بأس.
أخرج أبو داود والترمذي وحسنه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. والبيهقي في حديث قال: وإن المختلعات هن المنافقات، وما من امرأة تسأل زوجها الطلاق من غير بأس فتجد ريح الجنة أو قال: رائحة الجنة.
هذا فيما يتعلق بحكم طلبها هي للخلع.
أما أنت فيجوز لك أن تقبل مخالعتها، وأن تطلب منها أن تدفع لك كلما أعطيتها أو أكثر منه، إلا أن طلب الزيادة مكروه مع جوازها كما بيناه في الفتوى رقم: 43053.
واعلم أنه يجب على الزوج أن يقيم زوجته المسلمة على طاعة الله تعالى والالتزام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.
ومن أوجب الواجبات الصلاة لأنها عمود الدين وثاني أركان الإسلام، وكذلك الحجاب بالنسبة للمرأة، إذا عرفت هذا، فاعلم أنه ليس أمامك إلا أحد حلين:
الأول: أن ترجو استقامة حال زوجتك والتزامها بشرع الله تعالى، وأن تعلم من نفسك القدرة على توجيهها وإلزامها بذلك بمقتضى القوامة التي جعلها الله لك عليها والمسئولية الملقاة على عاتقك اتجاهها، وفي هذه الحالة لك أن تتمسك بزوجتك وتقوم بما أوجب الله عليك.
والحال الثاني: أن تعلم إصرارها على معصية الله وتركها لشعائر الدين مع عجزك عن تقويمها وحملها على الصلاح، ففي هذه الحالة يكون فراقها خيرا من إبقائها، لأن من ضيع حق الله تعالى كان لما سواه أكثر تضييعاً، ولا تعلق قلبك بها والحالة هذه لأن المؤمن يجب عليه أن يكون حبه لمن يحب الله ورسوله، وأن يكون بغضه لمن يبغض الله ورسوله.
والله أعلم.