الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أكثر أعداء الإسلام والسنة الطعن في أبي هريرة -رضي الله عنه- منذ الصدر الأول، ليتوصلوا بهذا للطعن في الدين، فحاكوا أكاذيب وأباطيل، كتلك التي ذكرت، ولكن الجهابذة من أهل العلم كانوا دوماً لهم بالمرصاد، قال الحاكم أبو عبد الله (المتوفي سنة 405هـ) في المستدرك عن إمام الأئمة ابن خزيمة (المتوفى 311هـ): وإنما يتكلم في أمر أبي هريرة لدفع أخباره، من قد أعمى الله قلوبهم، فلا يفهمون معاني الأخبار، إما معطل جهمي يسمع أخباره التي يرويها خلاف مذهبهم -الذي هو كفر- فيشتمون أبا هريرة ويرمونه بما الله تعالى نزهه عنه، تمويها على الرعاع والسفل أن اخباره لا تثبت بها الحجة، وإما خارجي أو قدري اعتزل الإسلام وأهله، أو جاهل يتعاطى الفقه ويطلبه من غير مظانه، إذا سمع أخبار أبي هريرة فيما يخالف مذهب من قلد، تكلم في أبي هريرة، ودفع أخباره. انتهى بتصرف.
أما ما ذكرته، فهو من بعض كذبهم في أبي هريرة، وأجاب عنها فأحسن، الشيخ مصطفى السباعي، في كتاب (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) فانظره.
أما قصة ولاية أبي هريرة على البحرين، ثم عزله من قبل عمر، فالقصة الحقيقية: أنه قدم ببعض بمال، فحاسبه عمر كما كان يحاسب جميع الولاة، فم يجد في مكسبه مدخلاً لإثم، فرفض أن يلي العمل مرة ثانية لعمر، وكان مما قاله: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم. انتهى من البداية والنهاية لابن كثير. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى: 38593.
قال ابن الأثير: قال البخاري: روى عن أبي هريرة أكثر من ثمانمائة رجل من صاحب وتابع، ومن بعدهم، فمن الصحابة ابن عباس، وابن عمر، وجابر، وأنس، ووائلة بن الأسقع، واستعمله عمر على البحرين ثم عزله، ثم أراده على العمل فامتنع، وسكن المدينة، وبها كانت وفاته. انتهى، أسد الغابة 6/315، ولم يذكر ابن الأثير ما ورد في السؤال في حق أبي هريرة رضي الله عنه.
والله أعلم.