الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن بنات الإخوة لا نصيب لهن في الميراث، لأن الله تعالى لم يذكرهن في أصحاب الفروض، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن ما بقي بعد أصحاب الفروض يعطى لأقرب رجل، ولم يذكر النسوان، وذلك حيث يقول في حديث الصحيحين: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.
ولا يشاركن إخوانهن بالتعصيب لأن المشاركة بالتعصيب لم يذكرها الله إلا في البنات والأخوات الشقيقات أو الأخوات للأب، قال ابن قدامة في المغني: فصل: أربعة من الذكور يعصبون أخواتهم، فيمنعونهن الفرض ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين، وهم الابن، وابن الابن وإن نزل، والأخ من الأبوين، والأخ من الأب. وسائر العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث، وهم بنو الأخ، والأعمام وبنوهم، وذلك لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. فهذه الآية تناولت الأولاد، وأولاد الابن. وقال تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. فتناولت ولد الأبوين، وولد الأب. وإنما اشتركوا لأن الرجال والنساء كلهم وارث، فلو فرض للنساء فرض أفضى إلى تفضيل الأنثى على الذكر، أو مساواتها إياه، أو إسقاطه بالكلية، فكانت المقاسمة أعدل وأولى. وسائر العصبات ليس أخواتهم من أهل الميراث فإنهن لسن بذوات فرض، ولا يرثن منفردات، فلا يرثن مع أخواتهن شيئاً. وهذا لا خلاف فيه بحمد الله ومنته.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.