الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في أنكحة الكفار هل لها حكم الصحة أم الفساد، فذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أنها فاسدة، قال خليل بن إسحاق: وأنكحتهم فاسدة. يعني الكفار، ورأى جمهور العلماء أن لها حكم الصحة، قال السرخسي في المبسوط: ولأنكحة الكفار فيما بينهم حكم الصحة إلا على قول مالك رحمه الله تعالى، فإنه يقول أنكحتهم باطلة، لأن الجواز نعمة وكرامة ثابتة شرعاً، والكافر لا يجعل أهلا لمثله، ولكنا نستدل بقوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. ولو لم يكن لهم نكاح لما سماها امرأته...
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد ذكر أصحاب الشافعي وأحمد كالقاضي وابن عقيل والمتأخرين أنه يرجع في نكاح الكفار إلى عاداتهم، فما اعتقدوه نكاحا بينهم، جاز إقرارهم عليه.. وإن كانوا يعتقدون أنه ليس بنكاح لم يجز الإقرار عليه، حتى قالوا: لو قهر حربي حربية فوطئها أو طاوعته واعتقداه نكاحاً أقرا عليه وإلا فلا.
وعليه فما ذكرته من علاقات بين النساء والرجال في البلاد الكافرة على النحو الذي ذكرته إن كان أهله يعتقدونه نكاحاً فهو نكاح عند جمهور العلماء، وخالف فيه الإمام مالك، كما بينا، وإن كانوا لا يعتقدونه نكاحا فهو غير نكاح.
والله أعلم.