أحكام أخذ رسوم تسجيل في الشركة، وتفاوت نسبة الربح، ومصاريف العمل

8-12-2025 | إسلام ويب

السؤال:
أردتُ -مع بعض الإخوة- افتتاح شركة تجارية تقوم بتشغيل أموال المساهمين، وتقاسم الأرباح معهم، يعني شركة مضاربة، والمساهمة تبدأ من 5 آلاف إلى المليون.
نحن نقوم بتقسيم سجلات المساهمين بمجموعات متفاوتة، مثلاً: المجموعة (أ) من 5 آلاف إلى ثمانية آلاف، والمجموعة (ب) من 10 آلاف إلى 31 ألفًا، والمجموعة (ج) من 40 ألفًا إلى 80 ألفًا... وهكذا. أي كل مجموع عدد حاصل ضربه يساوي مليون يُعدّ مجموعة.
وأسئلتي كالآتي:
السؤال الأول: ما حكم أخذ رسوم التسجيل بنسب متفاوتة على كل مجموعة، وليس على رأس المال؟
مثلاً: رسوم التسجيل للمجموعة (أ) يكون 1000، وللمجموعة (ب) يكون 2000، وللمجموعة (ج) يكون 3000... وهكذا.
السؤال الثاني: ما حكم تفاوت نسبة الربح لكل مجموعة؟
مثلاً: نسبة الربح للمجموعة (أ) 20٪ من أرباح التجارة، وللمجموعة (ب) 22٪، وللمجموعة (ج) 24٪... وهكذا.
أي كلما كبر رأس المال تضخّمت نسبة الربح.
السؤال الثالث: على من تكون مصاريف التشغيل واستئجار المحل ومصاريف النقل ومصاريف التنفيذ شرعًا؟
السؤال الرابع: هل تجب قسمة الأرباح بعد الانتهاء من جولات البيع (نفاد المواد التي تم شراؤها) أم لا بأس أن تتأخر القسمة لحين انتهاء عقد المضاربة؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما السؤال الأول فجوابه: أن رسوم التسجيل أصلاً لا تجوز، إلا إذا كانت في مقابل عمل، أو خدمة إدارية فعلية، وخارجة عن أعمال المضاربة، فحينها يجوز أخذ التكلفة الحقيقية دون زيادة، وأما تربح المضارب أو تكسبه منها، فلا يصح، ولا وجه له، بل هو نوع من أكل المال بالباطل، مع ما فيه من معنى جعل دراهم معلومة للمضارب غير نسبته من الربح، وهذا لا يصح إجماعًا، ويفسد المضاربة، وراجع في ذلك الفتوى: 482692.

وأما السؤال الثاني، فجوابه: أنه لا حرج في تفاوت نسبة الربح المتفق عليه من شخص لآخر، فضلًا عن مجموعة لأخرى. المهم أن يكون العقد ينص على نسبة توزيع الربح بين مالك رأس المال، والمضارب.

ولا حرج في تفاوت نسبة الربح بتفاوت المبلغ ومدة بقائه، جاء في قرار رقم: (123) من قرارات مجمع الفقه الإسلامي، المتعلق بشأن القراض أو المضاربة المشتركة في المؤسسات المالية: لا مانع شرعًا حين توزيع الأرباح من استخدام طريقة النمر القائمة على مراعاة مبلغ كل مستثمر ومدة بقائه في الاستثمار؛ لأن أموال المستثمرين ساهمت كلها في تحقيق العائد حسب مقدارها ومدة بقائها، فاستحقاقها حصة متناسبة مع المبلغ والزمن هو أعدل الطرق لإيصال مستحقاتهم إليهم ... اهـ.

وأما السؤال الثالث فجوابه: أن مصروفات العمل عمومًا (كتكلفة التشغيل والنقل والتنفيذ) تكون من أموال المضاربة، وبها يعرف الربح من الخسارة، فلا يتحقق ربح حقيقي إلا إذا زاد على المصروفات، بحيث يكون الحاصل الأخير زيادة على رأس المال، وإلا كانت خسارة.

جاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم (13) المتعلق بالمضاربة: العبرة بجملة نتائج الأعمال عند التصفية. فإذا كانت الخسارة عند العمليات أكثر من الربح، يحسم رصيد الخسارة من رأس المال، ولا يتحمل المضارب منه شيئا باعتباره أمينًا ما لم يثبت التعدي أو التقصير، وإذا كانت المصروفات على قدر الإيرادات يتسلم رب المال رأس ماله وليس للمضارب شيء. ومتى تحقق ربح، فإنه يوزع بين الطرفين وفق الاتفاق بينهما. اهـ.

وكل عمل لا يجب على المضارب القيام به بنفسه، فأجرة عامله تكون من مال المضاربة، بخلاف ما جرت العادة بأنه يجب عمله على المضارب فلا أجرة له عليه، وإن استأجر من يعمله نيابة عنه كانت أجرته من مال المضارب لا من رأس مال المضاربة.

قال ابن قدامة في المغني: وعلى العامل أن يتولى بنفسه كل ما جرت العادة أن يتولاه المضارب بنفسه؛ من نشر الثوب، وطيه، وعرضه على المشتري، ومساومته، وعقد البيع معه، وأخذ الثمن، وانتقاده، وشد الكيس، وختمه، وإحرازه في الصندوق، ونحو ذلك، ولا أجر له عليه؛ لأنه مستحقُ للربح في مقابلته، فإن استأجر من يفعل ذلك، فالأجر عليه خاصةً؛ لأن العمل عليه، فأما ما لا يليه العامل في العادة؛ مثل النداء على المتاع، ونقله إلى الخان، فليس على العامل عمله، وله أن يكتري من يعمله، نص عليه أحمد. انتهى.

وجاء في المعيار السابق من المعايير الشرعية: يتولى المضارب بنفسه كل الأعمال التي يتولاها المستثمرون مثله بحسب العرف. ولا يستحق أجرًا على ذلك؛ لأنها من واجباته، فإذا استأجر من يقوم له بذلك فأجرته من ماله الخاص وليس من مال المضاربة. اهـ. 

وأما السؤال الرابع فجوابه: أن ذلك بحسب الاتفاق أو العقد، ولا حرج في الاتفاق على أي من الخيارين: القسمة في نهاية وقت العقد، أو توزيع الربح بعد كل تنضيض [تحويل البضائع أو العروض إلى نقود سائلة].

قال ابن قدامة في المغني: إِن طلب أحدهما قسمة الربح دون رأس المال، وأبى الآخر، قدم قول الممتنع؛ لأنه إن كان رب المال، فلأنه لا يأمن الخسران في رأس المال، فيجبره بالربح، وإن كان العامل، فإنه لا يأمن أن يلزمه رد ما أخذ في وقت لا يقدر عليه. وإن تراضيا على ذلك، جاز؛ لأن الحق لهما، وسواء اتفقا على قسمة جميعه أو بعضه. اهـ.

والله أعلم.

www.islamweb.net