الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى أن منَّ الله على البعض بإنجاب الذرية في الوقت الذي حرم آخرين منها، وإن الواجب على من رزق بأبناء أن يتقي الله فيهم، فيقوم بما أوجبه الله من تربيتهم وفق المنهج الإسلامي، فيعلمهم الواجبات ليأتوا منها ما استطاعوا، ويعلمهم المحرمات لينتهوا عنها، وراجعي لزاما الفتوى رقم: 49000 فإنها وثيقة الصلة بسؤالك.
وإن هذا السلوك الشائن من هذه الفتاة العاقة لهو إحدى الثمرات المرة الناتجة من غياب التربية الإسلامية الصحيحة والتنشئة على التزام أوامر الله من الحجاب الشرعي والعفة والقرار في البيت، والبعد عن مواطن الاختلاط وغض البصر عن ما حرم الله.
ولذلك، فإن الواجب على والدي الفتاة أن يتوبا إلى الله من تفريطهما في تربية بنتهما، وأن يكثرا من الاستغفار وفعل الصالحات، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وكذلك عليهما أن لا يتركا نصيحة ابنتهما وتخويفها بالله وتحذيرها من جريمة العقوق، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. رواه مسلم.
وعليهما كذلك أن يخوفاها من جريمة الزنا وحرمة بقائها على رجل أجنبي عنها، وأن الله يسخط على من يعصيه، ولهما أن يستعينا بالفتوى رقم: 26237 فإن فيها عقوبة الزاني الدنيوية والأخروية.
كما يجب عليهما أن يحذراها من جريمة الانتحار فتلقى الله وهو عليها غاضب، فإن الانتحار بقتل النفس من كبائر الذنوب التي حرمها الله وتوعد فاعلها بالمكث الطويل في النار، وفي الفتوى رقم: 8012 بيان ذلك.
فإن استمرت الفتاة في تهديدها لأبويها إذا جاؤوا إليها أن تنتحر، فيجب عليهما أن لا يأتوها، وأن يكتفوا بالاتصال بها عبر الهاتف.
كما على والديها أن لا يتركا الدعاء لابنتهما أن يهديها الله، فإن الله على كل شيء قدير، والقلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه، ولقد هدى الله من هي أقسى قلبا وأظلم فؤادا منها.
هذا، ولا نعلم دعاء معينا يقال في مثل ذلك، ولكن ينبغي لمن دعا الله أن يلتزم آداب الدعاء من استقبال القبلة، والطهارة، ورفع اليدين، والثناء على الله في أوله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخره، والإلحاح في الدعاء مع التذلل وإظهار الفقر إلى الله، وتحيُّن الأوقات الشريفة الفاضلة مثل جوف الليل، وأثناء السجود، وبعد الأذان، ونحو ذلك.
والله أعلم.