الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي فهمناه من السؤال أن الشركة المصنعة للحاسب الجديد تبيع معه قرصاً لتشغيله، وتشترط على مشتري الجهاز ألا يبيع أو يهب هذا القرص لغيره أو نحو ذلك من طرق التمليك، كما تشترط على من حصل هذا القرص بيده -من غير أن يشتري معه جهاز الحاسب الذي تنتجه- أن يرد إليها هذا القرص ويسترد نقوده، فإذا كان الأمر كذلك فلا يلزم الوفاء بما شرطت هذه الشركة، أما مشتري الجهاز فلأن هذا الشرط شرط باطل ينافي مقتضى العقد، ولمالكه الذي اشتراه من هذه الشركة أن يبيعه أو يهبه لغيره.
قال البهوتي في كشاف القناع: من الشروط الفاسدة: شرط في العقد ما ينافي مقتضاه نحو أن يشترط ... (أن لا يبيع) المبيع (ولا يهبه ولا يعتقه).... فهذا الشرط (لا يبطل البيع) لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة. ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، ودين الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق. متفق عليه، فأبطل الشرط ولم يبطل العقد.
وأما من حصل بيده هذا القرص، فلأنه إذا كان قد حصل في يده بطريق شرعي كالشراء أو الهبة أو نحو ذلك، فهذا القرص ملك له، وليس لهذه الشركة أن تشترط عليه رده إليها، وإذا كان قد حصل عليه غصباً أو سرقة، فالواجب عليه هو رده لصاحبه لا لهذه الشركة، وبهذا تعلم أنه لا حرج عليك فيما صنعت إذا كان ما فهمناه من السؤال هو واقع الحال.
والله أعلم.