الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحل لأحد أن يترك بعض الصلوات المفروضة لا قبل الذهاب إلى العمرة ولا بعد المجيء منها إلا أن من من الله عليه بأداء العمرة وهي من الطاعات العظيمة لا ينبغي له أن يعود منها كما كان قبل ذلك مفرطا في بعض الصلوات، بل ينبغي أن يستمر على المحافظة على الصلاة والحسنات التي حصل عليها في عمرته لبيت الله الحرام وأن يقضي الصلوات التي تركها من قبل. وقد اتفق أهل الإسلام على أن الصلاة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، لم يمنعه من أدائها مانع شرعي كالجنون والإغماء وكالحيض والنفاس عند المرأة، ونحوها من الموانع الشرعية المعتبرة، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، لحديث جابر رضي الله عنه: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه مسلم. وأجمع كل من يعتد به من أهل الإسلام على أن من جحد وجوبها فهو كافر مرتد، لثبوت ذلك بالأدلة القطعية من القرآن والسنة والإجماع. وأما من تركها تكاسلا، بحيث لا يصليها مطلقا، فجمهور الأئمة من المالكية والشافيعة والحنابلة على أنه يستتاب ثلاثة أيام كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل. ويقتل عند المالكية والشافعية حدا لا كفرا، وفيه نظر، لأن ، هذا ليس من المواضع المنصوص عليها في القتل حدا، في مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. فآل أمره إلى الكفر ومفارقة الجماعة، وأما عند الحنابلة فإنه يقتل كفرا، وهو الأظهر، لمعاضدة الأدلة الصحيحة له، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم ومثل حديث بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه. بل إذا كان ترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها من غير عذر محبطا للعمل، كما في الحديث المخرج في صحيح البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله. فكيف بمن ترك صلوات كثيرة؟، وقال عبد الله بن شقيق البجلي، وهو من فضلاء التابعين: لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.