الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمرة واجبة مع القدرة عليها في العمر مرة واحدة، سواء كان من أهل مكة أو من غيرهم على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو الأظهر عند الشافعية، والمذهب عند الحنابلة.. قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين": الحج هو فرض وكذا العمرة في الأظهر.
وقال المرداوي في الإنصاف: والعمرة إذا قلنا تجب فمرة واحدة بلا خلاف، والصحيح من المذهب أنها تجب مطلقا، أي على المكي وغيره، وعليه جماهير الأصحاب.. انتهى.
ولكن لا تجب إلا على من قدر عليها بماله وبدنه أو بماله، فإنه ينيب من يعتمر عنه، وهي واجبة على الفور كالحج عند الحنابلة، قال ابن مفلح في الفروع: من لزمه الحج أو العمرة لم يجز تأخيره، بل يأتي به على الفور، نص عليه ـ أي أحمد بن حنبل.
وأما الشافعية، فلا تجب عندهم على الفور كالحج، بل له أن يؤخرها بشرط العزم على الفعل في المستقبل إلا إذا خشي الهلاك، فإنه يحرم عليه التأخير، لأن الواجب الموسع إنما يجوز تأخيره بشرط أن يغلب على الظن السلامة إلى وقت فعله، كما في "أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري.
ولا يجب على المرء الحج ولا العمرة إلا إذا كان له زاد وراحلة فاضلين عن دَينه ومؤنة من عليه نفقتهم مدة ذهابه وإيابه ومسكنه وعبد يحتاج إليه لخدمته، وعليه، فما دمت لا تمتلك المسكن، فإنه لا يجب عليك الحج ولا العمرة، لأنك غير مستطيع، وقد قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: 97].
والله أعلم.