الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكما علمت فإن جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة أوجبوا اتباع رسم الصحابة في كتابة المصحف الشريف، وعلى ذلك فإن الواجب عليك ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه... إذا رأيت مصحفاً مكتوباً بما يخالف رسم الصحابة أو فيه بعض الكلمات التي تخالفه أن تنبه عليه وتخبر المسؤولين ليتخذوا ما يلزم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
فربما كُتبت هذه الكلمات خطأ من النساخ، أو ربما كتبت على وجه من أوجه الرسم، لأن رسم القرآن الكريم كغيره من الفنون يوجد فيه اختلاف في بعض الجزئيات يعرفها أهل الاختصاص، وقد قال العلامة ابن مايابي في كتابه كشف العمى في رسم القرآن وضبطه: واعلم أن الاختلاف في الرسم وخصوصاً الحذف لا يكاد ينحصر كثرة.
ويا حبذا لو وافانا السائل الكريم بالكلمات التي لاحظها في المصحف المذكور لنعرف على أي وجه كتبت، وهل هناك مسوغ لكتابتها على الوجه الذي لاحظه السائل؛ لأن كل مصحف ينبغي أن يكون في آخره التعريف به والمراجع التي اعتمد عليها كاتبه في رسمه وضبطه...
وإذا حكمنا بأن مصحفاً كتب على ما يخالف الرسم العثماني مخالفة لا تحتمل وجها فإنه لا يجوز تداوله أو عرضه في المكتبات، فالقرآن الكريم يجب حفظه والمحافظة على ألفاظه وكتابته.... وقد ذكرنا في الفتوى السابقة أنه يستثنى من ذلك كتابة الآية للتعليم أو الاستشهاد... بالإملاء إذا لم يمكن كتابتها بالرسم وذلك للتيسير ورفع الحرج، ونشكر السائل الكريم على اهتمامه بكتاب الله عز وجل، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياه من حراس كتابه الذين يقيمون حدوده وحروفه.
والله أعلم.