الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق بالنسبة التي تأخذها مقابل التوسط بين طرفي العقد، فما تقوم به من الوساطة بين الشركات يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة، قال البخاري: باب أجرة السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. انتهى.
والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل ذلك تسمى جعالة ويشترط فيها أن تكون معلومة فلا يجوز أن تكون نسبة من الربح لأنها حينئذ جعالة بمجهول.
وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره، وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.
قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.
وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك، أو بيني وبينك فلا بأس به.
الأمر الثاني: ما يتعلق بأخذك أجرة السمسرة على التوسط بين شركتك وشركة أخرى ولذلك حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك خارج وقت الدوام فلا حرج عليك في ذلك لأن ما كان خارجاً عن وقت الدوام فهو ملك لك تتصرف فيه كما تشاء، ومن ذلك ما إذا قمت بهذا العمل في إجازتك لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بالعمل خلال وقت الدوام وألا يحصل هناك تحايل بحيث تترك هذا الأمر وقت الدوام مع إمكانه حتى تعمل ذلك خارج وقت الدوام.
الحالة الثانية: أن يكون ذلك خلال وقت الدوام في الشركة وهذا لا يجوز لك إلا بإذن الشركة، وبما أنك تفعل ذلك بغير إذنهم فلا يجوز لك ذلك لأنك أجير خاص لا يجوز لك العمل خلال مدة الإجارة لغير المستأجر إلا بإذنه، وفي هذه الحالة لا تستحق شيئاً من الأجرة بل هي للشركة التي تعمل فيها لأنه كان في وقتهم، إلا أن يهبوا لك ذلك.
والأمر الثالث: ما يتعلق بالضرائب والجمارك والتهرب منها والتحايل عليها وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39412، 37158، 23759.
والله أعلم.