الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن تعاطي الربا منكر شنيع، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [البقرة:278]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا... الحديث أخرجه الشيخان.
ومن المنكرات كذلك عدم إخراج الزكاة، وعدم الحج للمستطيع، وعدم الاكتراث بالأحكام الشرعية، ونرجو الله أن يعيد إلى خالكم ذاكرته ويشفيه من المرض حتى يتوب من كل هذه الآثام.
وفيما يتعلق بالتصرف في ماله.. فإن الذي يجوز لكم منه هو الإنفاق عليه ومداواته لا غير ذلك، ويجوز له هو إذا رجع إليه وعيه مع استمرار المرض أن يتصرف فيما كان بمعاوضة مالية، وأن يتصدق أو يوصي بما لا يزيد على ثلث ماله، قال الشيخ محمد عليش في منح الجليل: والحجر على المريض في غير مؤنته أي المريض وغير تداويه أي المريض، فلا يحجر عليه فيهما، إذ بهما قوام بدنه، وفي غير معاوضة مالية فلا يحجر عليه في المعاوضة المالية كبيع وشراء.... بغير محاباة زائدة على الثلث.
فلا يجوز -إذاً- أن تتصرفوا في ماله إلا بما ذكر لأن المال بعد موته سينتقل الحق فيه إلى الورثة.
وتمييز ماله الحلال عن ماله الحرام مع الكيفية التي ذكرت أمر صعب جداً ويحتاج إلى أهل الخبرة وإلى معاينة الأمور، ولا بد فيه من استخدام طرق معقدة من الحساب.
فالصواب أن يترك المال إلى أن يتضح أمره هو، فإن شفاه الله قام بنفسه بذلك باستجلاب أهل الخبرة وتحرير المدد والنسب، وما كان من ذلك حاصلا من الربا وما لم يكن، إلى أن يصفي المباح منه فينتفع به كيف أراد.
وما كان حاصلاً من الربا فواجبه أن يصرفه في المصالح العامة للمسلمين بنية التخلص منه لا بنية الصدقة، وأما إن كانت الثانية وانتقل المال إلى الورثة فالذي يبت فيه حينئذ هي المحاكم الشرعية، وسيكون لها من وسائل البحث والتحري في المسألة ما يمكنها من إيصال كل حق إلى صاحبه وإجلاء الأمور.
فعلى أخيك -إذاً- أن لا يتصرف في المال إلا باستيفاء ما كان من نحو دين أو استرجاع شيء ضائع وما أشبهه مع التوثيق لكل ذلك والإشهاد عليه، وقبل القيام بأية خطوة في الموضوع.
فعليكم أن تخبروا المحكمة الشرعية حتى تشرف هي بنفسها على ما فيه، أو تعين له قيماً مشرفاً على ذلك.
ولا بأس بالفكرة التي أشرت إليها أنت في علاج ورعاية خالك، ولكن لا تفعلوا شيئاً من ذلك إلا بأمر من المحكمة الشرعية.
والله أعلم.