الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جمهور أهل العلم على جواز الزواج بنية الطلاق دون أن يكون ذلك مشروطا في العقد، قال الإمام الشافعي في الأم: وإن قدم رجل بلدا وأحب أن ينكح امرأة ونيته ونيتها أن لا يمسكها إلا مقامه بالبلد، أو يوما أو اثنين أو ثلاثة، كانت على هذا نيته دون نيتها، أو نيتها دون نيته، أو نيتهما معا، ونية الولي، غير أنهما إذا عقدا النكاح مطلقا لا شرط فيه فالنكاح ثابت، ولا تفسد النية من النكاح شيئا لأن النية حديث نفس، وقد وضع عن الناس ما حدثوا به أنفسهم، وقد ينوي الشيء ولا يفعله وينويه ويفعله، فيكون الفعل حادثا غير النية. وكذلك لو نكحها ونيته ونيتها، أو نية أحدهما دون الآخر أن لا يمسكها إلا قدر ما يصيبها، فيحللها لزوجها، ثبت النكاح. وسواء نوى ذلك الولي معهما أو نوى غيره، أو لم ينوه، ولا غيره، والوالي والولي في هذا لا معنى له أن يفسد شيئا ما لم يقع النكاح بشرط يفسده.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو كانت بينهما مراوضة فوعدها إن نكحها أن لا يمسكها إلا أياما، أو إلا مقامه بالبلد، أو إلا قدر ما يصيبها، كان ذلك بيمين أو غير يمين، فسواء. وأكره له المراوضة على هذا، ونظرت إلى العقد، فإن كان العقد مطلقا لا شرط فيه فهو ثابت، لأنه انعقد لكل واحد منهما على صاحبه ما للزوجين، وإن انعقد على ذلك الشرط فسد وكان كنكاح المتعة، وأي نكاح كان صحيحا وكانت فيه الإصابة أحصنت الرجل والمرأة، إذا كانت حرة وأحلت المرأة للزوج الذي طلقها ثلاثا، وأوجبت المهر كله، وأقل ما يكون من الإصابة حتى تكون هذه الأحكام أن تغيب الحشفة في القبل نفسه.انتهى.
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني: وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر، أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد، فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم، إلا الأوزاعي، قال: هو نكاح متعة. والصحيح أنه لا بأس به، ولا تضر نيته، وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته، وحسبه إن وافقته، وإلا طلقها.انتهى.
الجواب: له أن يتزوج، لكن ينكح نكاحا مطلقا، لا يشترط فيه توقيتا، بحيث يكون إن شاء أمسكها وإن شاء طلقها، وإن نوى طلاقها حتما عند انقضاء سفره كره في مثل ذلك، وفي صحة النكاح نزاع، ولو نوى أنه إذا سافر وأعجبته أمسكها، وإلا طلقها، جاز ذلك، فأما أن يشترط التوقيت فهذا نكاح المتعة الذي اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم على تحريمه.انتهى.
والله أعلم.