الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل في البيع هو الجواز، لقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة: 275].
ولكن إذا اقترن بالبيع نوع إعانة على منكر، صار البيع محرماً، وقد ضرب العلماء رحمهم الله تعالى لذلك أمثلة، فقالوا: لا يجوز بيع عصير ونحوه لمن يتخذه خمراً، ولا يجوز بيع سلاح في فتنة بين المسلمين، ولا يجوز بيع قدح لمن يشرب فيه الخمر، ولا سلاح لقطاع طريق ونحو ذلك، ولا ديك لمن يهارش به، ولا كبش لمن يناطح به، ولا جارية لمن يتخذها للغناء المحرم وهو ما كان بمعازف أو بحضرة أجانب، ولا عبد لمن يفجر به، وهذا لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2].
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعل الإثم على آكل الربا وموكله فحسب، بل جعل من أعانهم بكتابة أو شهادة مثلهم في الإثم، وكذا لم يلعن في الخمر البائع والمشتري فحسب، بل لعن أيضاً العاصر والمعتصر والحامل لها و...
وفي فتاوى ابن حجر الهيتمي: وسئل: بما صورته ما الحكم في بيع نحو المسك لكافر يعلم منه أنه يشتريه ليطيب به صنمه، وبيع الحيوان لحربي يعلم منه أن يقتله بلا ذبح ليأكله؟
فأجاب بقوله: يحرم البيع في الصورتين، كما شمله قولهم كل ما يعلم البائع أن المشتري يعصي به يحرم عليه بيعه له، وتطييب الصنم وقتل الحيوان المأكول بغير ذبح معصيتان عظيمتان ولو بالنسبة إليهم، لأن الأصح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة كالمسلمين فلا تجوز الإعانة عليهما ببيع ما يكون سبباً لفعلهما، وكالعلم هنا غلبة الظن. والله أعلم.
وبناءً عليه، فلا يجوز لك أن تبيع الخرائط أو تعملها لمن يبيعها لمن تعلم أنه سيتخذها وسيلة لقرض ربوي.
أما عن بقائك في المكتب، فهو راجع إلى انضباط المكتب في بيع الخرائط بالضوابط الشرعية المشار إليها سلفاً.
والله أعلم.