الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ولد الزنا لا يصح إلحاقه بالرجل الذي زنى بأمه ولا نسبته إليه وإنما ينسب إلى أمه ولو كان معترفا به لأن المعدوم شرعا وهو هنا الأبوة الشرعية كالمعدوم حسا، هذا؛ مذهب جمهور العلماء.
قال الحافظ ابن عبد البر في كتابه الاستذكار ج7، ص162، عند كلامه على حديث الموطأ في قصة ادعاء سعد بن أبي وقاص ولد أمة لزمعة والد سودة بنت زمعة، وكان في دعوى سعد أن أخاه عتبة أوصاه عند موته أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك فعارضه عبد بن زمعة وتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى به لعبد بن زمعة وقال صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر. والحديث بنصه في الموطأ. قال ابن عبد البر: فكانت دعوى سعد سببا لبيان من الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في أن العاهر ( أي الزاني ) لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا وأن الولد للفراش على كل حال، والفراش النكاح أو ملك اليمين لا غير، فإن لم يكن فراش وادعى أحد ولدا من الزنا فكان عمر يليط أولاد الجاهلية بمن استلاطهم ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك، وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته وأكمل دينه فلا يلحق ولد من زنا بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا. ثم قال بعد هذا: أوملك يمين. انتهى. ومعنى الفراش: عقد النكاح على الحرة مع إمكان الوطء عند أكثر العلماء.
وقال الشيخ أحمد الدردير عند قول خليل: إنما يستلحق الأب مجهول النسب. قال: ولو كذبته أمه لتشوف الشارع للحوق النسب لا مقطوعه كولد الزنا المعلوم أنه من الزنا. انتهى. أي لا مقطوع النسب فلا يصح استلحاقه.
وقال ابن قدامة في المغني: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور.انتهى.
وأما الشيخ ناصر الدين الألباني فلم نجد له كلاما في هذا الموضوع إلا أنه حسن حديث أبي داود وأحمد الوارد في الفتوى رقم: 22196. وهو صريح في أن ولد الحرة المزنى بها لا ينسب إلى الزاني ولا يرثه وإن ادعاه وكذلك ولد أمة الغير.
وأما شيخ الإسلام فقد ذكر في فتاويه وفي اختياراته ما نصه: وإن استلحق ولده من الزنا ولا فراش لحقه، وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق.انتهى.
والله أعلم.