الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت الأشياء الفاضلة عن حاجة الأيتام تفوت أو تفسد إذا لم تستعمل فللقائم على أمرهم أن يستعملها إن كانت له بها حاجة، وإلا دفعها لغيره ممن يستعملها حتى لا تفسد.
وأما إن كانت تحتمل الادخار أو يمكن بيعها وإضافة مردودها إلى رصيدهم فعلى ولي أمرهم فعل ذلك، لأنه مكلف بمصلحتهم وتنمية أموالهم، وقد جاء في الموطأ للإمام مالك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة.
هذا إذا كان القائم على اليتيم يأخذ راتباً على عمله، أما من لم يكن يأخذ راتباً على عمله فله أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف إذا كان فقيراً أو يحتاج إليه، وفي ذلك يقول الله تعالى: وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء: 6].
وروى مالك في الموطأ أن رجلاً سأل ابن عباس فقال له: إن لي يتيماً وله إبل أفأشرب من لبنها؟ فقال له: إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباءها وتلط حوضها وتسقيها يوم وردها فاشرب من لبنها.
وقالت عائشة رضي الله عنها: للقائم على اليتيم أن يأكل من ماله بقدر عمالته. رواه البخاري.
وليحدذر القائمون على أموال اليتامى من تضييعها أو الزيادة من إنفاقها في غير المعروف، فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10].
ولا مفهوم هنا للأكل عن غيره من الاستهلاك والتبذير والإتلاف في غير المصلحة، فكل ذلك يتناوله الوعيد المذكور في الآية الكريمة.
نسأل الله تعالى التوفيق والسلامة والسداد، ولمزيد من الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 10970.
والله أعلم.