الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أهم ما يتأكد على المأموم خلف إمامه هو نية اقتدائه بذلك الإمام إضافة إلى متابعته له في الصلاة بحيث لا يسبقه في ركن أو يساويه بل يفعله بعد اطمئنان إمامه فيه امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا. متفق عليه، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 11388.
وتسوية الصفوف تكون بإلصاق القدم بالقدم والمنكب بالمنكب والتراص في الصف بحيث لا تبقى فرجة ولو كانت قليلاً، وللمزيد عن هذا الموضوع راجع الفتوى رقم: 18547، والفتوى رقم: 10847.
والمسافة بين الصف والذي يليه يرجع تحديدها إلى ما هو متعارف عليه عند الناس بحيث لا يكون بينهما بعد غير معتاد يمنع الاقتداء، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: يرجع في اتصال الصفوف إلى العرف على الصحيح من المذهب حيث قلنا باشتراطه جزم به في الكافي ونهاية أبي المعالي وابن منجا في شرحه وصاحب الفائق وقدمه في الفروع ومختصر ابن تميم، وقال في التلخيص والبلغة: اتصال الصفوف أن يكون بينهما ثلاثة أذرع وقيل متى كان بين الصفين ما يقوم فيه صف آخر فلا اتصال اختاره المجد وهو معنى كلام القاضي وغيره للحاجة للركوع والسجود حيث اعتبر اتصال الصفوف وفسر المصنف في المغني اتصال الصفوف ببعد غير معتاد لا يمنع الاقتداء وفسره الشارح ببعد غير معتاد بحيث يمنع إمكان الاقتداء لأنه لا نص فيه ولا إجماع فرجع إلى العرف، وعند الشافعية تبطل صلاة من في الصف إذا كان بينه وبين الذي أمامه أكثر من ثلاثمائة ذراع، قال النووي في المجموع: ولو وقف خلف الإمام شخصان أو صفان أحدهما وراء الآخر اعتبرت هذه المسافة بين الصف الأخير والصف الأول أو الشخص الأخير والأول حتى لو كثرت الصفوف وبلغ ما بين الإمام والصف الأخير أميالاً جاز بشرط أن لا يزيد ما بين كل صف أو شخص وبين من قدامه على ثلاثمائة ذراع. انتهى.
وعليه فالمسافة بين الصف والصف يرجع تحديدها إلى العرف وينبغي أن يكون ذلك قدر ما يحتاجه المصلي في ركوعه وسجوده، فإن زاد على ثلاثمائة ذراع أبطل الصلاة عند الشافعية كما تقدم.
والله أعلم.