الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أحسنت، وأحسنت هذه البنت في المبادرة إلى التوبة من الزنا، الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، والذي قد حذر الله تعالى منه بقوله: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء: 32].
وبخصوص زواجك من هذه البنت التي زنيت بها، فلا حرج فيه إن شاء الله، ما دمتما قد تبتما من الزنا، ولكن يشترط لذلك إذن وليها، روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليهان فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل.
وإن غلب على الظن عضل وليها لها، جاز لها أن ترفع أمرها إلى القاضي، فإن ثبت عنده عضل وليها لها، تولى تزويجها أو ولى عليها من يزوجها عند جمهور الفقهاء، وهو رواية عند الحنابلة، والمذهب عندهم انتقال الولاية إلى من بعده.
قال ابن قدامة في المغني: الحكم الثالث: إذا عضلها وليها الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى تنتقل إلى السلطان. انتهى.
والمفتى به عندنا القول الأول، وتراجع الفتوى رقم: 30347، وأما إخبارك أهلك بهذا الزواج فليس بلازم، وإخبارهم أولى إن لم تترتب عليه مفسدة راجحة، ولو قدر زواجك من هذه المرأة من سبيل صحيح فلا حرج عليك في المبيت عند أهلها إن لم يترتب على ذلك ضرر.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى أن كون الرجل له زوجة ليس بمسوغ لعدم قبوله إذا كان مرضياً في الدين والخلق، لأن الشرع قد أباح له الزواج من أربع من النساء، إذا كان قادراً على النفقة والوطء، وكان قادراً على تحقيق العدل، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1677، 1766، 1660
والله أعلم.