الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة على أن السواك سنة عند الوضوء، واختلفوا هل هو من سنن الوضوء أم لا؟ على رأيين:
الأول: قال الحنفية، والمالكية وهو رأي الشافعية: الاستياك سنة من سنن الوضوء، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. وفي رواية: لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء.
الثاني: قال الحنابلة، وهو الرأي الأوجه عند الشافعية: السواك سنة خارجة عن الوضوء متقدمة عليه وليست منه، ومدار الحكم عندهم على محله، فمن قال إنه قبل التسمية قال إنه خارج عن الوضوء، ومن قال بعد التسمية، قال بسنيته للوضوء.
وأما الاستياك للصلاة ففيه ثلاثة مذاهب:
الأول: وهو قول للشافعية: يتأكد الاستياك عند كل صلاة فرضها ونفلها، وإن سلم من كل ركعتين وقرب الفصل، ولو نسيه سن له قياساً تداركه بفعل قليل وهو في الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، أو مع كل صلاة.
الثاني: لا يسن الاستياك للصلاة، بل للوضوء، وهو رأي للحنفية، فلو أتى به عند الوضوء لا يسن له أن يأتي به عند الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء. والمعتمد عندهم أنه يشرع لهما معاً؛ كما في حاشية ابن عابدين.
الثالث: يندب الاستياك لصلاة فرض أو نفل بعدت من الاستياك للعرف، فلا يندب أن يستاك لكل صلاة ما لم يبعد ما بينهما عن الاستياك، وهو قول المالكية، قال الدردير في الشرح الصغير: ندب الاستياك لصلاة فرض أو نافلة بعدت من الاستياك بالعرف. فمن والى بين صلوات، فلا يندب أن يستاك لكل صلاة منها ما لم يبعد ما بينها عن الاستياك.
وأما وقت السواك للصلاة، فلم نقف على من حدده بقبل إقامة الصلاة أو بعدها أو عند الوقوف في الصف، وإنما يفعل عند الصلاة بمعنى قرب الصلاة عرفاً، قال قليوبي في حاشيته على شرح الجلال المحلي: (ويسن للصلاة) أي يتأكد لها ولو كل ركعتين قبل الشروع فيها لا بعده.
قال الخادمي في بريقة محمودية: وحديث: صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك. قال في الجلاء والباء للإلصاق أو المصاحبة وحقيقتها فيما اتصل به حسا أو عرفا، وكذا حقيقة كلمة مع وعند، والنصوص محمولة على ظواهرها إذا أمكن، وقد أمكن هنا فلا مساغ إذن إلى الحمل على المجاز.
والله أعلم.