الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر أمك، والإحسان إليها؛ أمر واجب لا شك فيه، فقد قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23، 24}.
وفي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك». اهـ.
فاحرصي على بِرِّ أمك، والإحسان إليها، واحذري مما يؤذيها من رفع الصوت عليها، أو عدم الرد عليها إن سأَلت عن أمر مباح.
وإذا اقتضى الأمر الحوار معها، فحاولي ضبط ألفاظك، والغَضَّ من صوتك، والتحكم في أعصابك قدر الإمكان، واحذري من تعمد التصرف الذي يمكن أن تعتبره هي عقوقا؛ فإنه لا يجوز.
فقد ذكرنا في الفتوى: 73463، ضابط عقوق الوالدين، وهو: أن يحصل من الشخص اتجاه أبويه، أو أحدهما إيذاء متعمد، تعارف الناس على أنه عقوق.
وبما أنك تشتركين في العمل مع أمك؛ فهذا يقتضي وجود حوار وكلام بينكما، لكن احرصي أن تُكلِّميها برِفْق، واحترام، ولا يجوز لك رفع الصوت عليها للدفاع عن رأيك، أو فيما يتعلق بشؤون العمل.
مع استحضار أنها أمك، ولا يُسوِّغ كونها مديرة لك، أو عاملة معك، أن تعامليها معاملة لا تليق بها كَأُم.
وإذا كنت تتكلمين مع زوجك في أمور خاصة، وأرادت أمك الكلام معكما؛ فبالإمكان أن توضحي لها أن الأمر يتعلق بشؤونكما الخاصة، ويكون كلامك معها برفق، واحترام، ولا تكونين مخطئة في الأمر.
والله أعلم.