الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع. وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم في مثل هذه القضايا.
وما يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم:
أولا: أنه لا يجوز أن يستأثر أحد الورثة بمنفعة مشتركة مع وارث غيره، من دون وجه حق.
ثانيا: إذا كان أحد الورثة قد مكث في بيت مشترك لهم، وشغلهم عن الانتفاع بحقهم فيه؛ فلهم أن يطالبوه بالمقدار الذي لهم من الإرث في أجرة المثل، عن المدة التي شغلهم عن الانتفاع بها.
كما سبق بيانه في الفتوى: 493738.
ثالثا: إذا تُوفِّي الوارث وله حق عند بعض الورثة، فمن حق ورثته أن يطالبوا به من أخذ حق مورثهم إن كان حيا، أو يطالبوا به ورثته إن كان ترك مالا، إن كان لديهم ما يُثبت حقهم.
وحل هذه النزاعات محله المحاكم الشرعية، وعلى المسلم أن يَتلطَّف في مطالبته بالحقوق بين أهله وأرحامه، دفعا لكون ذلك سببا للقطيعة والشحناء بين الأقارب.
والله أعلم.