الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فولاية التزويج -عند جمهور العلماء- مختصة بالعصبات؛ كالأب، والابن، والأخ، والعم، وأبنائهم، ولا ولاية للخال في التزويج.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب، كالأخ من الأم، والخال، وعم الأم، والجد أبي الأم ونحوهم. نص عليه أحمد في مواضع. وهو قول الشافعي، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة. انتهى.
لكن إذا كان العقد تمّ تقليدا لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله-، أو حكم بصحته قاضٍ شرعي؛ فالعقد صحيح.
وراجعي الفتويين: 460798، 140134.
وعلى فرض أنه لم يتم تقليدا لأبي حنيفة -رحمه الله-، فإنه يمضي أيضا، ما دام الزمن قد طال، وفي إبطاله مفسدة.
قال الشاطبي -رحمه الله- في الموافقات: فمن واقع منهيا عنه، فقد يكون فيما يترتب عليه من الأحكام زائد على ما ينبغي بحكم التبعية لا بحكم الأصالة، أو مؤد إلى أمر أشد عليه من مقتضى النهي، فيترك وما فعل من ذلك، أو نجيز ما وقع من الفساد على وجه يليق بالعدل، نظرا إلى أن ذلك الواقع وافق المكلف فيه دليلا على الجملة، وإن كان مرجوحا، فهو راجح بالنسبة إلى إبقاء الحالة على ما وقعت عليه؛ لأن ذلك أولى من إزالتها مع دخول ضرر على الفاعل أشد من مقتضى النهي ....
وفي الحديث: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل باطل باطل" ثم قال: "فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل منها". وهذا تصحيح للمنهي عنه من وجه، ولذلك يقع فيه الميراث، ويثبت النسب للولد.
وإجراؤهم النكاح الفاسد مجرى الصحيح في هذه الأحكام، وفي حرمة المصاهرة، وغير ذلك دليل على الحكم بصحته على الجملة، وإلا كان في حكم الزنى، وليس في حكمه باتفاق، فالنكاح المختلف فيه قد يراعى فيه الخلاف، فلا تقع فيه الفرقة إذا عثر عليه بعد الدخول، مراعاة لما يقترن بالدخول من الأمور التي ترجح جانب التصحيح. انتهى مختصرا.
والله أعلم.