الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس في هذا شيء من الاعتداء في الدعاء، ولكن الأولى للمسلم دعاء الله -عز وجل- بالأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة.
فعن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحب الجوامع من الدعاء، ويدع ما سوى ذلك. أخرجه أبو داود، وابن حبان في صحيحه.
وفي الحديث: يا عائشة عليك بالجوامع والكوامل. رواه الترمذي.
ومن أحسن الأدعية الجامعة قول الله تعالى: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {البقرة: 201}.
قال ابن كثير: جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي، من عافية ودار رحبة، وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا...
وقال الإمام أحمد: .. عن أنس قال: كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. انتهى.
وقد بينا ماهية الاعتداء في الدعاء، في الفتويين: 411400 424099
ويشرع أن تسألي الله -تعالى- أن يجعل ما قضاه خيرا لك؛ لما في الحديث: وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا. أخرجه ابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
وإن كنت لا تعلمين هل عاقبة الدعاء خير لك أم لا؟ فالأولى أن تقولي: يا رب أعطني كذا إن كان فيه خير لي.
فقد قال ابن القيم -رحمه الله-: فاحذر كل الحذر أن تسألَه شيئًا مُعيَّنًا خِيرتُه وعاقبتُه مغيبةٌ عنك، وإذا لم تجد من سؤاله بُدًّا، فعلِّقه على شرط علمِه -تعالى- فيه الخيرة. انتهى.
والله أعلم.