كفارة الغش في مواصفات السلعة

5-9-2024 | إسلام ويب

السؤال:
لقد أنعم الله عليَّ، وأكرمني أنا وزميل لي في العمل؛ ففتحنا شركة توريدات باسمي، توريد إكسسوارات بناء حديث مثل كانات المباني، وسلك الشبك المحارة، يستخدم للشروخ.
ولكي نورد في المشاريع كان لا بد أن نعتمد من الاستشاري، وكنا نقدم لوحة عينات من المنتجات التي سنوردها من نفس عملنا، لكن كانوا محتاجين لاختبار جلفنه للمنتجات، فكنا نقوم باختبار على صاج أعلى يحقق النتيجة المرغوبة، لكن كنا نورد للمشروع من الصاج العادي بتكلفه أقل؛ لأننا لا نصنع بل نشتري من مصانع، والصاج الذي جلفنته عالية غال، ولا يوجد مقاول تنفيذ في المشروع سيأخذ منا بالأسعار العالية. منذ 2017 ونحن نعمل على ذلك.
ولكن لما عرفت منذ أمس أن ذلك خطأ -وفعلا لم أكن منتبها فيما مضى أن هذا خطأ- وأنا أفكر في أن أرسل للشركات التي نورد فيها العمل رسائل أن منتجاتنا لا تحقق نسبة الجلفنه المطلوبة، هذا بخصوص الجديد.
لكن كيف أكفر عن موضوع الجلفنه القديم والفلوس التي كسبناها، ورأس مالنا الحالي ماذا سنفعل فيه، فأنا أنفق منه على بيتي، والحمد لله أخرج زكاتي وصدقاتي من هذه الفلوس؟
ثانيا: عملنا كان يؤخذ من المصنع على أساس طول اللفة، أو عرض اللفة، أو وزنها، أحيانا بنسبة كبيرة لا تكون مضبوطة بحيث تكون أقل من الوزن، أو الطول، أو أزيد من الوزن، أو الطول بنسبة 10% زيادة، أو نقص، وكنا نورد على أساس ذلك، ولا نذكر أن هناك نسبة فقد، أو زيادة في الطول، أو الوزن، وإن شاء الله في المستقبل سنذكر ذلك.
ماذا نفعل فيما مضى؟
وشكرا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت في خشيتك من الحرام، وتوبتك مما كنت تفعل من غش وخداع في البيع؛ فقد نهى الشرع عن الغش والكذب والتدليس في البيع والشراء، وحث على الصدق فيهما.

ففي الصحيحين عن حَكِيم بْن حِزَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَالبَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا؛ بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا؛ مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي.

وأما عن المال المكتسب من هذا البيع الذي شابه غش: فإنه يحرم عليك منه ما كان مقابل الغش، أي الزيادة التي حصلت في الثمن بسبب الغش، فترد الزائد إلى المشتري. وإن تعذر معرفة المشتري أو الوصول إليه، فإنك تتصدق بها عنه.

جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية -رحمه الله-: وَمَنْ بَاعَ مَغْشُوشًا، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ مِن الثَّمَنِ إلَّا مِقْدَارُ ثَمَنِ الْغِشِّ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِهِ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ، إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ. مِثْلَ مَنْ يَبِيعُ مَعِيبًا مَغْشُوشًا بِعَشَرَةٍ، وَقِيمَتُهُ لَوْ كَانَ سَالِمًا عَشَرَةٌ، وَبِالْعَيْبِ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ، فَعَلَيْهِ إنْ عَرفَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الدِّرْهَمَيْنِ إنْ اخْتَارَ، وَإِلَّا رَدَّ إلَيْهِ الْمَبِيعَ، وَإِنْ لَمْ يعرفْهُ، تَصَدَّقَ عَنْهُ بِالدِّرْهَمَيْنِ. اهـ.

وإذا لم تعرف قدر المال الحرام، فإنّك تتحرى قدر استطاعتك، بحيث تطمئن أنّك أخرجت قدر الحق أو أكثر منه.

قال الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {البقرة:278}: قُلْتُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا، فليردها على من أربى عليه، ومطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ، فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ. وَإِنْ أَخَذَهُ بِظُلْمٍ فَلْيَفْعَلْ كَذَلِكَ فِي أَمْرِ مَنْ ظَلَمَهُ. فَإِنِ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، وَلَمْ يَدْرِ كَمِ الْحَرَامُ مِنَ الْحَلَالِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى قَدْرَ مَا بِيَدِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ، حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّ مَا يَبْقَى قَدْ خَلَصَ لَهُ، فَيَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ الَّذِي أَزَالَ عَنْ يَدِهِ إِلَى مَنْ عُرِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ، أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ. فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ؛ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ. انتهى.

وعليك مراعاة الصدق في كل أعمالك، وسيبارك الله لك في رزقك بسبب الصدق وتحريه.

والله أعلم.

www.islamweb.net