الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الرجل في أن يتصرف في حياته حال صحته ورشده في ماله كيف شاء، فيهدي لصديقه أرضا ولو كان أبناؤه أحوج إلى الأرض من صديقه.
وإنما الذي يلزم الأب شرعا لأبنائه هو: أن ينفق على ولده المحتاج الذي لا مال له، ولا كسب يكفيه لحاجاته الأصلية من المطعم والملبس والمسكن بالمعروف. وراجع الفتوى: 374734.
لكن لا شك أن إعطاء الأرض للأبناء، أو الاحتفاظ بها لهم؛ أولى وأعظم أجرا، ما لم تكن هناك حاجة لتقديم غيرهم لشدة حاجة لا سيما إذا لم يكن لهم مال كثير.
ففي الصحيحين عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، من وجع أشفيت منه على الموت. فقلت: يا رسول الله؛ بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: لا، الثلث، والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفي هذا الحديث: حث على صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب والشفقة على الورثة، وأن صلة القريب الأقرب والإحسان إليه، أفضل من الأبعد. اهـ.
والله أعلم.