الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ القضاء، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم في مثل هذه القضايا.
وما يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم: أن بيع الخدمات يدخل في مسمى عقود الإجارة، وعقد الإجارة لا يصح إلا بمعلومية المنفعة، فإذا جهلت المنفعة فسد العقد.
قال النووي في روضة الطالبين في بيان شروط صحة المنفعة: كون المنفعة معلومة العين والقدر والصفة. اهـ.
وقال ابن قدامة في الكافي: يشترط معرفة قدر المنفعة؛ لأن الإجارة بيع، والبيع لا يصح إلا في معلوم القدر. اهـ.
وإذا فسدت الإجارة واستوفيت المنفعة لزم أجرة المثل، يحكم بها أهل الخبرة في هذا المجال.
قال ابن قدامة في المغني: إن استوفى المنفعة في العقد الفاسد فعليه أجر المثل.
وبه قال مالك والشافعي. اهـ.
وبهذا يتبين أنه ليس من حق المؤجر تغيير قدر المنفعة دون قبول المستأجر، وعليه؛ فلا يصح أن يكون في العقد بند يعطي للشركة الحق في تعديل الخدمة وقت ما تشاء دون الرجوع للعميل؛ لأن هذا يؤدي إلى جهالة المنفعة والمنازعة.
وهذا يؤكد أن المسألة ليست من باب الفتوى، وإنما من باب القضاء.
والله أعلم.