الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففصل النزاع في مسائل الميراث، والحقوق المشتركة مَرَدُّهُ إلى القضاء، أو من ينوب منابه، وذلك لأنه الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك. وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة، إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم في مثل هذه القضايا.
والذي يمكننا إفادة السائل به على وجه العموم لا في خصوص سؤاله: أنه لا يجوز لأحد من الورثة أن يتصرف، إلا في حصته من التركة، ومن فعل ذلك دون إذن الورثة، فهو في حكم الغاصب، وتصرفات الغاصب باطلة، إلا إن أجازها المالك، فإذا لم يجزها لم تنفذ، ويقع ضمان المغصوب على الغاصب، ومن جملة ذلك ضمان منافع المغصوب في مدة الغصب، وذلك بدفع أجرة مثله إلى يوم رد عين المغصوب، أو رد قيمته، إذا تعذر رد العين.
قال المرداوي في «الإنصاف»: المقبوض بعقد فاسد لا يملك به، ولا ينفذ تصرفه فيه. على الصحيح من المذهب ... وعلى ذلك يضمنه، كالغصب، ويلزمه رد النماء المنفصل، والمتصل، وأجرة مثله مدة بقائه في يده، وإن نقص ضمن نقصه، وإن تلف، فعليه ضمانه بقيمته. اهـ.
وجاء في «شرح المنتهى» للبهوتي: (وما صحت إجارته من مغصوب، ومقبوض بعقد فاسد)، كرقيق، ودواب، وسفن، وعقار، (فعلى غاصب، وقابض) بعقد فاسد (أجرة مثله مدة بقائه بيده)، فتضمن منافعه بالفوات، والتفويت، أي: سواء استوفى المنافع، أو تركها تذهب ...، (ومع عجز) غاصب (عن رد) مغصوب تصح إجارته، تلزم أجرته (إلى) وقت (أداء قيمة). اهـ.
والله أعلم.