الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإمامة الصلاة وظيفة شريفة وفضلها عظيم لكون الإمام ضامناً للمأمومين صلاتهم، وهي وظيفة أئمة الخير والصلاح، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: وقد روي عن داود بن أبي هند قال: حدثت أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرني بعمل أعمله، قال: كن إمام قومك، قال: فإن لم أقدر، قال: فكن مؤذنهم. رواه سعيد. إلى أن قال شيخ الإسلام: وأما إمامته صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم فمثل الإمارة والقضاء، وذلك أن الولايات وإن كانت خطرة لكن إذا أقيم فيها أمر الله لم يعدلها شيء من الأعمال، وإنما يهاب الدخول فيها أولاً خشية أن لا يقام أمر الله فيها لكثرة نوائبها وخشية أن يفتن القلب بالولاية لما فيها من العز والشرف، وقد روى عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة من كثبان المسك يوم القيامة: عبد أدى حق الله وحق مواليه، ورجل أمَّ قوما وهم به راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. انتهى.
وعليه؛ فالإمامة في الصلاة لها فضل عظيم، والإمام والمأموم مشتركان في الأجر لكون كل منهما كان سببا للآخر في حصول فضل الجماعة، كما ذكر ذلك الشيخ العز بن عبد السلام، راجع الفتوى رقم: 36264.
وعلى ما تقدم من فضل الإمامة والترغيب فيها كما جاء في الأحاديث السابقة يظهر لنا -والله أعلم- أن أجر الإمام الكامل الأهلية أكثر من أجر المأموم، ويستأنس لهذا بقول بعض الفقهاء إنه إذا تشاح من هم مستوون في الأهلية للإمامة من أجل الحصول على حيازة الثواب أقرع بينهم، قال خليل المالكي في مختصره: وإن تشاح متساوون لا لكبر بل لطلب الثواب ونحو ذلك من الأغراض الشرعية اقترعوا. اتنهى كلام خليل ممزوجاً بكلام بعض شراحه.
والله أعلم.