الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في توكيل الزبون لجارك، أو لغيره، ما دام توكيلا حقيقيا، والموكل والوكيل كلاهما عنده أهلية التصرف، وجرى بينهما الإيجاب والقبول الشرعي، في إنابة الوكيل عن موكله في إجراء عقد الصرف، أو في قبض البدل، وانظر الفتوى: 379432.
وكذلك لا حرج في أن يودع الوكيل المبلغ الذي قبضه بالوكالة، عند السائل، أو غيره من الناس، طالما كان ذلك بإذن موكله، مع التنبيه على أن يد الوكيل والوديع كلاهما يد أمانة، فلا تضمن إلا بالتعدي، والتفريط.
ثم إنه يصح على وجه عند الحنابلة -خلافا للجمهور- أن يودع الزبون المبلغ عند السائل نفسه، ثم يوكله في الصرف من نفسه، فيقبض من نفسه لنفسه، وعلى هذا القول فبإمكان الزبون أن يحول المبلغ -الأورو- على السائل نفسه كوديعة، فإذا تسلمها، ودخلت في حسابه، وكَّله في صرفها من نفسه، وحفظ ما يقابلها من عملة بلده -الدينار- عنده كأمانة يؤديها عند طلبها، كما سبق بيانه في الفتوى: 333397.
وإذا صارف السائل جاره كوكيل عن الزبون الذي يعقد معه عقد الصرف عن طريق الاتصال الهاتفي، فإن مجلس العقد في هذه الحالة هو زمن الاتصال بين المتعاقدين، فإن التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة بين طرفين في مكانين متباعدين؛ تنشأ عنه نفس الآثار المترتبة على إجراء العقد في مكان واحد، كما سبق بيانه في الفتوى: 475147.
والله أعلم.