الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك هجر أمِّك، أو الصراخ في وجهها؛ فذلك نوع من العقوق المحرم؛ وكونها معتدية، وظالمة لك ولإخوتك؛ فهو حرام عليها؛ لكن لا يبيح لك عقوقها، وراجع الفتوى: 401791.
فبادر بالتوبة إلى الله تعالى، واعتذر من أمّك، ولا تهجرها، وإذا وقع منك شيء يسير في حقّها، فنرجو أن يكون مظنة العفو من الله، ما دمت حريصا على برها، قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء: 25}.
قال الطبري -رحمه الله- في تفسيره: وقوله إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ- يقول: إن أنتم أصلحتم نياتكم فيهم، وأطعتم الله فيما أمركم به من البرّ بهم، والقيام بحقوقهم عليكم، بعد هفوة كانت منكم، أو زلة في واجب لهم عليكم، مع القيام بما ألزمكم في غير ذلك من فرائضه، فإنه كان للأوّابين بعد الزَّلة، والتائبين بعد الهَفْوة غفورا لهم. انتهى.
واعلم أنّه لا تلزمك طاعة أمّك في تأخير الزواج، أو إجابة ما تطلبه من المسكن الفاخر، والسيارة، والسفر، وإذا قدرت على الزواج، فبادر به، إعفافا لنفسك، واحرص على برّ أمّك قدر استطاعتك.
والله أعلم.