الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأولى بهذه الصدقة هو المدرسة لكون نية المتصدقة كانت لها، ولأنها الأولى على ما ذكر السائل؛ لكن إخراجها للنادي مع كون النية كانت للمدرسة لا حرج فيه، ولها الأجر بحسب نيتها، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي يزيد معن بن يزيد السلمي قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليك وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
قال الحافظ في الفتح: كأنه كان لا يرى الصدقة على الولد تجزئ، أو يرى أن الصدقة على الأجنبي أفضل، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن له ما نوى، لأنه كان ينوي أن يتصدق بها على محتاج، وابنه يحتاج إليها، فوقعت موقعها، وإن كان لم يخطر بباله أنه يأخذها، وبين لابنه أن له ما أخذ، لأنه أخذه بحقه محتاجاً إليه.
ونقول: إن ما تقومان به من الإنفاق والتبرع وكفالة المحتاجين من المسلمين عمل مشكور، وسعي مبرور تؤجرون عليه إن شاء الله، فاستمرا على هذا العمل وتشاورا وتطاوعا ولا تختلفا، وانظرا معاً أي الأعمال مقدم وأولى وأكثر أجراً، ونسأل الله أن يبارك لكما وأن يخلف عليكما خيراً، أما أنت فلست آثماً إذا لم توصل الشيك؛ لكن الأولى لك والأبعد عن الخلافات أن توصله نيابة عن زوجتك، كما أن الأولى لها هي أن تستشيرك في أمر كهذا فلعل عندك من العلم في الموضوع ما لم يكن عندها، أو لعلك تذكرها بما نسيته مما هو الأولى بالصدقة، وتذكرا قوله تعالى:[وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ](سـبأ: من الآية39).
والله أعلم.