الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبارة التي تلفظت بها تعليق للطلاق على نظرك لزوجة أخيك مؤكد بالحلف بالمصحف، وهو تعليق بلفظ صريح لا يتوقف على نية إيقاع الطلاق، فقد جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج، وحواشي الشرواني، والعبادي: لو قال لزوجته تكون طالقا، هل تطلق أو لا؟ لاحتمال هذا اللفظ الحال، والاستقبال، وهل هو صريح، أو كناية؟ والظاهر أنه كناية.... ومحله إن لم يكن معلقا على شيء، وإلا كقوله: إن دخلت الدار تكون طالقا، وقع عند وجود المعلق عليه. انتهى مختصرا.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا؛ أنّك إذا نظرت إلى زوجة أخيك في بيت أهلك؛ يقع الطلاق على زوجتك، سواء قصدت بحلفك إيقاع الطلاق، أو لم تقصد إيقاعه بأن قصدت التخلص من شجار الزوجة، وهذا قول أكثر أهل العلم، وإذا وقع الطلاق، ولم يكن مكملا للثلاث؛ فلك مراجعة زوجتك في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى: 11592.
وننوه إلى أنّ المرأة إذا سألت زوجها أن يحلف بطلاقها، أو يعلقه على شيء نحو ما ذكرت في سؤالك؛ فله أن يداريها، ويستعمل التورية، والتعريض في يمينه، فيحلف لها على شيء، ونيته به غير ما تفهمه امرأته، ولا يحنث في يمينه، ولا يأثم.
قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: فصل في الأيمان التي يستحلف بها النساء أزواجهن: إذا استحلفته زوجته أن لا يتزوج عليها، فحلف لها على ذلك، ونوى شيئًا مما ذكرنا بأن نوى أن لا يتزوج عليها يهودية، أو نصرانية، أو عمياء، أو حبشية، ونحوها، أو أن لا يتزوج عليها بالصين، أو نحوه من المواضع التي يريد التزوج بها؛ فله نيته؛ لأن لفظه يحتمله. انتهى.
والله أعلم.