الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التطيب لا حرج فيه إن لم تكن المرأة تخشى من شم الرجال لعطرها، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم -فيما نعلم- وضع الطيب قبل الوضوء، ولذلك فلا ينبغي المداومة عليه، مع العلم أن الوضوء هو المشروع في الاستعداد لمناجاة الله، كما قال ابن أبي زيد في الرسالة -ص: 12: والمصلي يناجي ربه، فعليه أن يتأهب لذلك بالوضوء، أو بالطهر... اهـ.
وقد ثبت استحباب التطيب للحائض في اغتسالها، كما في الصحيحين عن عائشة: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: خذي فرصة من مسك، فتطهري بها، قالت: كيف أتطهر؟ قال: تطهري بها، قالت: كيف؟ قال: سبحان الله، تطهري، فاجتبذتها إلي، فقلت: تتبعي بها أثر الدم.
وأما الكحول المنتج بطريقة صناعية، فقد قرر جماعة من المعاصرين أنها ليست بنجسة أصلًا -وإن أسكرت- وأنها لا تأخذ حكم الخمر من كل وجه، كما سبق في الفتوى: 420430.
وبالتالي: فلا بأس باستعمال المواد المشتملة على الكحول من عطور، أو غيرها، ولا حرج عليك في الأخذ بهذا القول، والعمل به، ففيه تيسير، وتخفيف، مع عموم البلوى بالكحول، وحتى على القول بأن الكحول المسكرة نجسة، فلا حرج في استعمال المواد المشتملة على الكحول إذا كانت نسبة الكحول يسيرة، ولا يظهر لها أثر، أو إذا استحالت إلى مادة أخرى، وانظري تفصيل هذا في الفتوى: 453445.
ثم إن كثيرًا من العلماء يرخصون في ملامسة النجاسة في ظاهر البدن للحاجة -كالتداوي، وغيره- كما سبق في الفتوى: 308563.
والله أعلم.